ما زال الموسم الرمضاني يُثبت سنة بعد سنة أنّهُ الموسم الأكثر تأثيراً بالناس، بأنّ ما يُعرَض في رمضان لهُ تركيز أكبر واهتمام أعلى، كل تلك المسلسلات التي تأتي في منتصف السنة لا تصنع ما يصنعها المسلسل الرمضاني، ولكن هل لهذا الإقبال أضرار فعلاً أم أنّ هذا أصلاً المطلوب والمُشتهى من الحالة العامة؟

قد يكون الأمر ظاهرياً مُبشّر، ولكن ماذا لو كان هذا التركيز كلّه مصبوب على مسلسلات بمواضيع يجب أن لا نُركّز عليها خاصة في هذه الفترات الحرجة التي نعيشها؟ أضربُ مثالاً مباشراً على الأمر، هذه السنة مثلاً قد رأينا مسلسلاً خلق حالة جدل وجدال عامة قبل حتى من عرضه، جدال غير طبيعي وسجالات غير طبيعية وبمستوى فيه حدّة وجدّة في التعاطي، وهنا بالتأكيد مقصدي رسالة الإمام والذي من إخراج المخرج الرائع الليث حجو، ويحكي المسلسل عن الشافعي مؤسس المذهب الشافعي الذي في علم أصول الفقه. ولكن في عودة لسؤالي الأول أو استنكاري، لماذا يجب أن نتجنّب هذه المسلسلات؟ هناك العديد من الأسباب سأذكر منها ثلاثة: 

  • أوّلاً لإنّ الناس تدعو هذا النوع من الأعمال بالمسلسلات الدينية ما يعني أنّها تضفي قداسة معيّنة على النصوص والأحداث وهذ لا يجب أن يكون بالمرّة التعاطي السائد، بل يجب أن يُعتبر العمل ويوصف بأنّهُ تاريخي درامي وفقط.
  • ثانياً: تجعل بثقلها هذه المسلسلات تبريراً كافياً لمئات الألاف من الأشخاص في وطننا العربي بأن يبقوا في الماضي ويعيشوا فيه فكرياً (وهذه واحدة من أسوء ما نعيشه هذه الأيام على المستوى الفكري) ولا يُكتفى أبداً بالتوصيف إلى هنا، بل يمتد الأمر إلى غوصٍ أحياناً في الماضي والمزيد منه، غوص في التاريخ لإيجاد نقاط اختلاف يمكن الاعتماد عليها لخلق جدالات لا معنى لها.
  • ثالثاً: هذا النوع من الأعمال مخيف برأيي لقدرته الجبّارة على إعادة بلورة حساسيات كان قد ردمها الزمن بين الطوائف والمجتمعات وفروقات قد تنشأ أزمات أقل ما يقال عنها.

هل وجدت ما أجد فعلاً مع المسلسل التاريخي الديني أو أنّ لكَ رأياً آخر مختلف قد يتعارض مع ما أميل إليه أنا؟