قضية وجودنا في هذا الكون معضلة – وإن كانت رتابة الحياة اليومية تجعلنا نعتبرها من المسلمّات – إلا أنَّ يقظتنا في بعض اللحظات تدفعنا للاستغراق في حالةٍ من الوعي العميق بالوجود، وتجعلنا نتساءل: ما الغاية من وجود كل ما في هذا الكون؟ وما الهدف من خضوعه لقوانين دقيقةٍ باهرةٍ؟ ولِمَ توجدُ الأشياء أصلاً؟
لماذا الوجود بدلاً من العدم
ما الغاية من وجود كل ما في هذا الكون؟
هدف الوجود مختلف من شخص إلى أخر، فهنالك من يفسره وفقا للمعتقد الديني أو الفلسفي أو العلمي أو حتى الخلفية الثقافية. فمثلا الوجود من منظور فلسفي، ترى بأن الغائية تقول بأن ثمة هدف متأصل بهذا الكون و بهذه الحياة، في حين أن الوجودية ترى بأن الحياة ليس لها معنى، الامر متروك للشخص نفسه يمكنه أن يخلق بنفس معنى ذاتي و خاص به وفقًا للرأيهم، والديني والعلمي له تفسير أخر.
مشكلة فلسفة الوجودية أنه في غياب المعنى، فالحياة نفسها لا قيمة لها، واستمرار الإنسان فيها لا قيمة له أيضًا، وهو عكس مثلًا برمجة العقل البشري، فهو يضمن استمرارية الإنسان بل ويحميه بأكثر الأساليب والآليات غرابة، منها مثلًا تغيير الذكريات وأحيانًا دفنها عميقًا للدرجة التي ينسى الشخص نفسه أنها حدثت حماية له من الصدمة، وهكذا بناء هويات جديدة..إلخ، فإن كانت برمجة المخ هي لاستمرار الإنسان، ألا يعني هذا بشكل أو بآخر أن العدمية أو الوجودية لا يطرحان إجابات كافية؟
ما الغاية من وجود كل ما في هذا الكون؟
هذا السؤال أي شخص متدين يعرف إجابته، فالكون خُلق بغاية، وأن وجود الإنسان مرتبط بهدف أسمى، سواء كان العبادة، الإعمار، أو تحقيق قيم معينة.
وما الهدف من خضوعه لقوانين دقيقةٍ باهرةٍ؟
لأن الاختلال سيؤدي لانهيار المنظومة ككل، تخيل القوانين الفيزيائية (مثل سرعة الضوء، ثابت الجاذبية، والثوابت الكونية الأخرى) مضبوطة بدقة مذهلة، ولو اختل أي منها قليلًا، لما كان هناك كون كما نعرفه، ولا حياة. وهذا يؤكد أن هناك اله صمم وبنى هذا الكون بدقة متناهية قد لا يستوعبها العقل
التفكير المستمر في سبب الوجود والبحث عن غاية كبرى وراء كل شيء قد يُدخل الإنسان في دوامة لا تنتهي، خصوصًا إذا لم يُقرن هذا التساؤل بعمل أو تأثير إيجابي في الحياة اليومية. أحيانًا، الغرق في هذه الأسئلة الوجودية يعطل الإنسان عن عيش اللحظة والاستفادة من واقعه.
وجدت أن السعي لإيجاد معنى في التفاصيل الصغيرة من الحياة اليومية هو ما يمنحني الشعور الحقيقي بالرضا. بدلاً من الانشغال المستمر بأسئلة قد لا أجد لها إجابة يقينية، أركز على ما أستطيع التحكم فيه: بناء علاقات جيدة، السعي لتحقيق أهدافي، ومساعدة الآخرين. في لحظات كثيرة، العمل على تحسين الذات والمجتمع المحيط بي جعلني أشعر بأن الغاية قد لا تكون دائمًا سؤالًا فلسفيًا معقدًا بقدر ما هي سلسلة من الأفعال والمعاني التي نصنعها بأنفسنا.
غاية وجودنا نعرفها جميعاً وأظن لا أحد يجهلها وانظر في قوله تعالى ( قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) وفي قوله ( وما خلقت الجن والإنث أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ)
أما عن القاونين والنظام الباهر فهي قدرة الخالق القادر جل وعلا
الغاية من وجود كل ما في الكون أهم سؤال وجودي تقريبًا، وتتعدد الإجابات وتختلف فمنها يتبع الأديان الابراهيمية مثلًا، والغاية هي الإنسان وحياته، في حين أنك ستجد أننا مجرد ذرة داخل كون شاسع، وهناك مليارات الاسرار والاجرام التي لن تفيدنا بشيء، بل لن نعرف عنها حتى أو نفهم نشأتها وغرض وجودها. أما فكرة خضوعه لقوانين باهرة فهي للحفاظ على استمراريته، بمعنى أن قانون مثل تمدد الكون، فهو عند رقم حرج، فلو أنه زاد عنه سيختل التوازن وتنهار الرابطة بين الاجرام والمجرات، وعليه تختل قوانين الحرارة والجاذبية والطاقة وغيرها، والعكس في حالة أن الرقم تناقص، فالجاذبية ستجعل الاجرام تتسارع نحو بعضها ويحدث ما يسمى "بالانكماش" وأيضًا هذا سيكون نهاية للكون المعروف إلينا، وأما سؤال لما توجد الأشياء فهو نفسه ما الغرض من الكون؟ وهنا أتساءل عن رأيك أيضًا وإجابتك.
التعليقات