اسم المهدي الحقيقي في القرآن والسنة ، المهدي والمواطأة
شرح معنى المواطأة مع مواضع ذكر اسم المهدي في القرآن (تصريحًا وتلميحًا) بتفسير تؤيده السنة والآثار:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بسم الله والحمد لله وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع المرسلين ، وبعد:-
المهدي بيننا
بادئ ذي بدء أنوه إلى أن الشخص الذي تنطبق عليه المواطأة هو شاب من أهل السنة ومن آل بيت النبي – صلى الله عليه وسلم – وفي جسمه ثلاثة أختام ، خاتم النبوة في ظهره أسفل الضلع الأيسر على شكل خاتم جده النبي – صلى الله عليه وسلم – كورقة الآس وبيضاوي الشكل ، وخاتم الرسالة في ظهر كف يده اليسرى على شكل نقطة زرقاء بارزة كنقطة القلم في نهاية الرسالة ، وخاتم ثالث أسفل مرفقه الأيمن على شكل سمكة أو حوت بنص القرآن حيث أن الحوت له معنى السمكة وهو ختم الولاية ، والأختام منذ ولادته ، وكل هذا مؤيد بالرؤى الصادقة والبشرى من النبي محمد - عليه الصلاة والسلام - للمهدي وكذلك جبريل - عليه السلام - وورقة بن نوفل الذي بشر النبي بنبوته بشر المهدي كذلك.
اسم حَسَن مذكور في القرآن في مواضع كثيرة وذات دلالة ولكن مع نطقه بالطريقة الصحيحة للاسم حَسَن:
سورة البقرة: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حَسَنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ (83) وهنا أمر لبني إسرائيل بالتبليغ باسم خليفة الله المهدي والتبشير به حيث كان جزءًا من ميثاق بني إسرائيل وهذه هي القراءة الصحيحة كما قرأها حمزة والكسائي ولكن المقصود بـ حَسَنًا هنا المهدي الذي كتم اسمه بنو إسرائيل وهو الرسول الذي أشار إليه المسيح عليه السلام بـ أحمد (سر الأحمدية الأول محمد ، وسر الأحمدية الثاني حَسَن المهدي) وهو الاسم الأعظم الذي كتمه علماء بني إسرائيل. وقراءة الآية وفهمها بهذه الطريقة يزيل إشكالية فهم "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حَسَنًا" وعطفها بعد "وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ" لأن الإحسان (قولًا وفعلًا) أشمل من مجرد القول الحسن ، وهذا يدل على أن الله - تعالى - يأمرهم بالتبليغ بالقول باسم حَسَن المهدي المذكور في كتبهم وعلى لسان رسلهم وأنبيائهم والذي كتموه وأخفوه عن الناس ، وجاءت كلمة "لِلنَّاسِ" للتعميم لأن التبليغ يجب أن يكون للناس أجمعين وليس فقط للمؤمنين أو أي فئة بعينها ، أما القول الحسن للناس أجمعين لا يصح لأن هناك بعض الناس في بعض المواقف يكون القول الحسن لهم فيه مفسدة وتشجيع على التمادي في الخطأ ، وربما تطلب الأمر أن نقول لهم قولًا فيه ردع وتعنيف لعدم العودة لمثل هذه الأخطاء. والنقطة الأهم أن الله - جل وعلا - وهو العليم الخبير لو أراد مجرد القول الحسن للناس لقال "وبالناس إحسانًا" بدلًا من "وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ" لأن لفظة "الناس" شاملة لكل هؤلاء كشمول "إِحْسَانًا" للمعاملة الحسنة قولًا وفعلًا.
سورة آل عمران: فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولِ حَسَن وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) وهنا تقبل الله مريم بقبول المهدي حسن والدليل أن الله قبلها يقول " وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ" وأيضا تكرار زكريا في موضعين قريبين جدًا من بعضهما يبرر وجود اسم رجل آخر وتكرر زكريا لمنع الخلط والالتباس على القارئ ، كما أن تقبل المفعول المطلق منه تقبلًا وليس قبول ، ولذلك فهنا المقصود أن الله تقبل مريم باصطفاء المهدي حَسَن ، وهذا أمر في قمة المنطقية فلا يمكن أن يصطفي الله امرأة على نساء العالمين دون أن يصطفي رجلًا على العالمين بنص القرآن ، ومعلوم حسب حديث النبي ﷺ أن "المهدي طاووس أهل الجنة" ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "نحن ولد عبد المطلب سادة الجنة أنا وحمزة وجعفر وعلي والحسن والحسين والمهدي".
سورة النساء: وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسَنٌ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا (69) ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا (70) وهنا حَسَن رفيق النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وهذا يتطابق مع حديث النبي عندما شرح الآية الكريمة لحذيفة بن اليمان "وحَسَن أولئك رفيقًا المهدي في زمانه" ، والدليل الآخر هو أن رفيقًا في صيغة المفرد وهي كانت محلًا للجدل، كيف أولئك رفيقا أي يجب أن تكون (رفقاء أو رفاق) والآن حُلت الإشكالية ، غير أن الله عز وجل بعدها يقول "ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا" أي أنه أنعم بكل الفضل على المهدي ويقول وكفى بالله عليمًا دليلًا على وجود سر مخفي وهو اسم حَسَن.
سورة الرعد: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحَسَنٌ مَآبٍ (29) كَذَٰلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَٰنِ ۚ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30) وهنا لو تأملت لوجدت الآية 27 تذكر الضلال والهداية: قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) إشارة إلى المهدي الآتي ذكره لاحقًا في الآية: الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحَسَنٌ مَآبٍ (29) وركز بعدها تجد أن الله يخاطب رسولًا مرسلًا وهو المهدي: كَذَٰلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَٰنِ ۚ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30) وما يؤيد ذلك ذكر الشيخ ابن عربي تفسير الآية قائلًا: ما علموا حَسَن مآب أي ما فهموا المقصود بها ثم قال: طوبى لهم ثم طوبى لهم ثم طوبى لهم وحَسَن مآب وهنا يركز على تكرار طوبى لهم كجزاء أما حَسَن مآب مرة واحدة لأنها ليست جزاءً لهم بل حَسَن سيأتي مآبًا لخلافة المؤمنين والأولياء. كما أشار الله عز وجل إلى اسم المهدي في موضع التشبيه عن الهداية والضلال في سورة فاطر فقال: أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) فمن ساء عمله أضله الله ، أما الحَسَن من هداه الله وهنا الحَسَن كصفة لأصحاب العمل الصالح ، وترمز إلى اسم المهدي حَسَن.
سورة الكهف: حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا ۗ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ (نَتَّخِذَ) فِيهِمْ حَسَنًا (86) وهنا أفسر كلام الله عز وجل بكلام نبيه صلى الله عليه وآله وسلم "ملك الأرض أربعة مؤمنان وكافران فالمؤمنان ذو القرنين وسليمان والكافران نمروذ وبخت نصر وسيملكها خامس من أهل بيتي". الله يخير ذا القرنين إما أن يُعذِّب هو القوم أو يتخذ (نتخذ) الله فيهم حَسَنًا في آخر الزمان ومن المعروف أن المهدي هو ذو القرنين الثاني كما قال الإمام علي : "وآه لو علمتم من ذا ذو القرنين في المآل" ، غير أن لفظ الْحُسْنَىٰ يأتي بعدها : "قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)" وهذا ينفي استخدام كلمة الحُسن بدلًا من الْحُسْنَىٰ ، فضلًا عن أن القراءة "حَسَنًا" صحيحة ضمن القراءات. كما أن إشكالية مخاطبة ذي القرنين لله - عز وجل - بصيغة الجمع فحلها أن ذا القرنين يتكلم عن نفسه وعن حَسَن المهدي الذي سوف يتخذه الله أو يرسله إليهم في آخر الزمان، فلذلك قال: ﴿فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ﴾ أي في الدنيا ﴿ثُمَّ يُرَدُّ إلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ﴾ في الآخرة ﴿عَذَاباً نُّكْرا﴾ أي أن ذا القرنين لا يقصد بالجمع الله - سبحانه وتعالى - ثم نفسه لأن ذا القرنين سوف يعذبهم في الدنيا ، أما الله - جل وعلا - سوف يعذبهم في الآخرة بنص الآية. وقوله تعالى على لسان ذي القرنين: ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً الحسنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً﴾ فهنا كذلك خاطب ذو القرنين ربَ العباد بصيغة الجمع "وَسَنَقُولُ … أَمْرِنَا" بنفس الطريقة في الثواب للمؤمنين منهم بالحسنى والقول الميسور في الدنيا بواسطته هو شخصيًا ثم المهدي حَسَن في آخر الزمان ، ولذلك تحدث بصيغة الجمع في المرتين ، العقاب والثواب ، أي هو وحَسَن كما نصت عليهما الآية الكريمة، لأنه لا يجوز لذي القرنين أن يخاطب ربَنا - جل وعلا - بصيغة الجمع حيث أن الله فقط مَن يتحدث بصيغة الجمع للتعظيم.
وجدير بالذكر أن أول آيات من سورة الكهف أشارت كذلك إلى اسم المهدي فهو العبد صاحب الكتاب القيم المنذر ببأس شديد من لدنه والمبشر للمؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرًا حسنًا ماكثين فيه أبدًا والمنذر للذين قالوا اتخذ الله ولدًا : "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ(1)قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا(2) مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا(3) وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا(4) وهنا الله سبحانه وتعالى لا يتحدث عن الآخرة بل عن الدنيا والتحول الذي ستشهده بقدوم المهدي وأشار إلى اسمه ليبين أن الأجر الحسن للمؤمنين سيكون في الدنيا مع تحقيق العدل والقسط والرخاء والخير الدائم على يد حَسَن وكأنه هو نفسه هذا الأجر (أجرًا حسنًا) بمجيئه وتوليه أمور الخلافة وإنصافه للمؤمنين والانتصار لهم لتحقيق وعد الله بوراثة الأرض لعباده الصالحين ، والدليل على ذلك قول الشيخ أبي يزيد البسطامي رضى الله عنه : ( وأعلم ان القطب عن قريب سيظهر عينه ويزول زينه وغينه فافهموا حقيقته والزموا طريقته فرمزه فى سورة الكهف وإشارته فى سورة الصف وهو سيف الله المسلول , أما الرمز في سورة الكهف فهو قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ(1) قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا(2)) , أما في سورة الصف وهو قوله تعالى : (إِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ يَٰبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ ٱلتَّوْرَىٰةِ وَمُبَشِّرًۢا بِرَسُولٍۢ يَأْتِى مِنۢ بَعْدِى ٱسْمُهُۥٓ أَحْمَدُ) .
وهذا يفسر لنا حديث النبيﷺ:"من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال" ، والحديث الثاني "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال"، والحديث الآخر: "من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال". كما أن المهدي هو الرقيم المذكور في الآية "أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا(9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا(10)" وسُمي بالرقيم لأنه يحمل اسم الله الأعظم "حَسَن" وهذا الاسم رقيم حيث يعدل 99 اسمًا وهي الأسماء الحسنى وركز في "الأسماء الحسنى" أي أن كل منها على حده "الاسم الحَسَن" أي أن اسم الله الحَسَن هو الأصل والأساس لجميع الأسماء ولذلك وصفت بالحسنى نسبة إليه فهو الاسم الأعظم الذي حير الجميع كبيرًا وصغيرًا ، قديمًا وحديثًا ، من جهابذة العلماء والفقهاء إلى الباحث المبتدئ ، وقد أشار إلى ذلك الإمام علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - قائلًا: "وفتنة الدجال كيداً له بعدما علم المرسوم، فلا تنهزم له راية فيها رقم اسم الله الأعظم ، يجمع الله له الرقيم والرقم"، وكذلك ابن عربي سماه "الغائب الرقيم". وقد فر المهدي بدينه كأصحاب الكهف خشية الفتنة ودعا بدعائهم بعد أن بعثه الله وهداه وأشرقت أنوار الهداية من وجهه وحسن صنيعه حيث ساومه صاحب العمل وخيره بين ترك الصلاة في المسجد المجاور لمقر العمل أو ترك العمل لما رآه من تغير طرأ على شخصية حسن أو المهدي من التزامٍ وقربٍ إلى الله، وبالطبع دون تردد اختار حَسَن المهدي الرقيم أن يلحق بأصحابه الفتية ويفر إلى الكهف بدينه ليفوز برضا ربه في الدنيا والآخرة تاركًا المنصب والمال ورغد العيش ، وتجدر الإشارة هنا إلى أن صاحب العمل الذي ساوم المهدي على دينه هو أحد رجال الدعوة ومعروف للعاملين بالدعوة والمؤسسات الإسلامية بل ويفتخر برحلته الطويلة في العمل الدعوي وألف عنها كتابًا وترجمه إلى عشرين لغة.
سورة ص: فَغَفَرْنَا لَهُ ذَٰلِكَ ۖ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحَسَن مَآبٍ (25) يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) لاحظ حَسَن مآب بعدها يخاطب الله داوود عليه السلام كخليفة في الأرض والمهدي سيكون خليفة الله في الأرض بنص القرآن والسنة وسوف يؤتيه الله علم داوود وفهم سليمان.
لاحظ الآية الأخرى في ص أيضًا عن سليمان عليه السلام: قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحَسَن مَآبٍ (40) استجاب الله - عز وجل - لدعاء سليمان بمنحه ما ذكر في الآيات من تسخير الريح والشياطين لخدمته محددًا بعدها "هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39)" أي أن عطاء ربنا غير محظور على أحد فالله يمن أو يمنع كما يشاء دون حساب من أحد بنص القرآن في سورة الإسراء "وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا"، أي لم يهبه ما طلب حصرًا باقتصار الخلافة عليه لأنه اختصاص إلهي ووهبه الله هذا العطاء الموصوف والمحدد بدقة وأعطى له حق التصرف فيه بالمن والمنع وله عند الله زلفى أي منزلة مقربة ثم مجيء المهدي حَسَن كمآب وعودة للخلافة بنفس بل تفوق قدرات سليمان السابق ذكرها في الآيات، وأخرج ابن الجوزي عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ملك الأرض أربعة مؤمنان و كافران فالمؤمنان ذو القرنين وسليمان والكافران نمروذ وبخت نصر وسيملكها خامس من أهل بيتي.
وما يؤيد ذلك تفسير الشيخ عبد الكريم الجيلي في كتابه: "الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل":
" ألا ترى إلى قوله تعالى حيث أخبر عن سليمان أنه قال " رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ (ص: الآية 35)" فقال في جوابه: " فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ " (ص: الآية 36) ثم عدّد ما أوتي سليمان من الاقتدارات الإلهية ، ولم يقل فآتيناه ما طلب لأن ذلك ممتنع اقتصاره على أحد من الخلق لأنه اختصاص إلهي ، فمتى ظهر الحق تعالى في مظهر بذاته كان ذلك المظهر خليفة الله في أرضه ، وإليه الإشارة في قوله تعالى " وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (الأنبياء: الآية 105)"
المواطأة - وفقًا لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم:
(يَلِي رجُلٌ مِن أهلِ بيتي، يُوَاطِئُ اسمُه اسْمي) ، نبدأ بالمواطأة ولها معنيان، الأول التوافق في المعنى أي معنى يساوي معنى ولا شك أن حَسَن = محمد لأن محاسن الشيء هي محامده. والمعنى الثاني للمواطأة السَبْق وذلك استنادًا إلى المواطأة في القرآن في سورة التوبة "إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37)" عندما كانت العرب تواطئ محرمًا بصفر أي تؤخر حرمة محرم إلى صفر ليستمروا في القتال حتى لا ينقصوا عدة الأشهر الحرم الأربعة أي تجعله يسبق محرمًا وإذا نظرنا إلى محرم ومحمد وجدنا كليهما على وزن واحد (مفعَّل) ولو ركزنا لوجدنا صفر وحَسَن على وزن واحد (فَعَل) ونفس عدد الأحرف أي أن اسم المهدي يسبق اسم محمد وهذا يعني أن اسم والد المهدي محمد لأنه بالمواطأة في الشهور تكون النتيجة (صفر يسبق محرم) وبالمواطأة في حديث النبي ﷺ عن المهدي نجد النتيجة (حسن يسبق محمد) أو يمكن القول أنه بإحلال الأول محل الثاني يصبح الترتيب (صفر محرم) وقياسًا على ذلك نصل لنفس النتيجة (حسن محمد) ، وما يقوي هذا التفسير حديث النبي ﷺ "المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري" وكلمة "ولدي" تشير إلى أن أب المهدي اسمه محمد، وكذلك حديث النبي ﷺ "المهدي من عترتي من ولد فاطمة" وأولاد فاطمة إما حَسَن أو حُسين وهذه إشارة إلى أن اسم المهدي إما حَسَن أو حُسَين ، وبمطابقة الأحاديث مع نص القرآن في المواطأة فإن اسم المهدي هو حسن محمد وهو المقصود بـ حم في السور السبع المتتالية أو الحواميم (آل حم). وقد أشار النبي ﷺ إلى اسمه بوصفه في الحديث "يقوم في آخر الزمان رجل من عترتي: شاب ، حسن الوجه ، أجلى الجبين ، أقنى الأنف" وفي حديث آخر أنه مهدي حسن السيرة، وقد لمح الإمام علي بن أبي طالب لذلك قائلًا عن المهدي: قلبه حسن ورأسه محمد وقال عنه حسن الوجه وحسن الشعر وحسن السريرة وقال أيضا "وتروح المفاتيح لحسن" في إشارة إلى توليه حكم مصر بعد السيني أو حرف السين، فكان تركيزه على الإشارة إلى اسمه بكثرة استخدام الصفة ، كما أن اسم حسن فيه لطيفة وهي أنه يحمل اسم جده الحسن بن علي بن أبي طالب الذي تنازل عن حقه في الخلافة حقنًا لدماء المسلمين ، وكما هو معلوم وفقًا لحديث النبي ﷺ : "من ترك شيئًا لله أبدله الله بخير منه" وها هو يعوض الحسن بن علي بن أبي طالب برجل من نسله ونسل أخيه الحسين ويحمل اسم الحسن ليكون خاتم الخلفاء بل خليفة الله بنص القرآن: "إني جاعل في الأرض خليفة" ومؤيدًا بالحديث الشريف: "(يقتتل عند كنزكم هذا ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصل إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم -ثم ذكر شيئاً- لا أحفظه فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه، ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي) ، وبتطابق القرآن مع السنة أصبح الحديث صحيحًا بل إن شئت أصح من الصحيح.
أما عن إشكالية "اسم أبيه اسم أبي" في الحديث الشريف ، قال رسول الله ﷺ :
« لو لم يبقَ من الدنيا إلا يومٌ واحد، لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يبعثَ الله رجلًا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمُه اسمي، واسمُ أبيه (ابنه) اسمَ أبي، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئتْ ظلمًا وجورًا » فقد نُقِلَ بالخطأ إلينا: بمعنى أن المهدي يكنى أبى عبد الله وهذا معروف وأشار إليه النبي ﷺ ، فلذلك المقصود هنا ليس كلمة "أبيه" بل "ابنه" ورسم الكلمتين واحد قبل معرفة النقط والهمزة والتشكيل ، فهي مستحدثة بعد العصر النبوي، ولفظ "ابنه" هو ما يطابق كنيته بـ أبي عبد الله وفقًا للحديث الشريف: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لبعث الله فيه رجلاً اسمه اسمي، وخُلقُهُ خُلقي، يكنى أبا عبد الله"، وعليه فإن القراءة الصحيحة لحديث المواطأة تكون كالتالي: « لو لم يبقَ من الدنيا إلا يومٌ واحد، لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يبعثَ الله رجلًا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمُه اسمي، واسمُ ابنه اسمَ أبي، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئتْ ظلمًا وجورًا » .
ردي على إخواننا الشيعة وكذلك السنة حول اسم المهدي:
أما فيما يخص إخواننا من أهل الشيعة وزعمهم بأن الإمام المهدي اسمه محمد بن الحسن ، فأقول لهم بأن العكس صحيح أعني أن اسمه الحسن بن محمد حيث أن الأئمة الاثني عشر حسب اعتقاد الإخوة من أهل الشيعة كان آخرهم الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري الذي أثار اللبس لأنه غير موجود وغائب كما أنه ليس ابن الحسن (بن علي) العسكري حيث أن الأخير لم ينجب. وما هو معروف أن الأئمة كلٌ يورث ابنه بداية من الإمام علي – كرم الله وجهه - ثم ابنه الحسن فالحسين …إلخ. وعندما وجدوا أو اكتشف أجدادهم في مصادرهم أن الاسم المدون الذي وصلهم بصفته الإمام الثاني عشر يحمل نفس الاسم الأول للإمام الحادي عشر أي أن الإمام الحادي عشر اسمه الحسن (بن علي) العسكري والإمام الثاني عشر اسمه الحسن بن محمد ، وحسب اعتقادهم – كم سبقه من الأئمة - سيكون ابن الحسن (بن علي) العسكري هو الإمام الثاني عشر وهذا ما لم يحدث. وبعد أن وجدوا في مصادرهم أن الاسم المدون الموروث عن آل البيت هو: الحسن بن محمد وليس محمد بن الحسن (بن علي) العسكري ، وخاصة أن الحسن العسكري لم يعقب ، من هنا بدأت المعضلة، فظنوا أنه قد حدث خطأ ما في النقل ولتدارك الخطأ في النقل اجتهادًا تم إحلال الأول مكان الثاني ليصبح: محمد بن الحسن ، ظنًا منهم أن الحسن العسكري قد أخفى ابنه عن أعين الناس ، على الرغم من أن محمد بن الحسن العسكري هذا غير موجود ويزعمون أنه غائب. ولكن أرجو الانتباه بأن الاسم الأول هو الصحيح كما وصلهم: الحسن بن محمد وهو المهدي الحقيقي ، ولنعلم أن (ال) للتعريف وليست من أصل الاسم ، هذا ما أردت أن أنوه إليه ، علمًا بأني من أهل السنة ، وكذلك أنوه أن اسم محمد بن عبد الله أيضا وصل للسنة عن طريق التفسير الخاطئ للمواطأة ، ولا يمكن أن يواطئ محمد محمدًا بل يواطئ حَسَنًا أي يتوافق معه في المعنى وأما عن المعنى الآخر للمواطأة فهو السَبْق كما في الآية الكريمة أعلاه أي اسمه يسبق اسم النبي: حسن محمد كما أشرت أعلاه فضلًا عن ذكر اسمه في سبعة مواضع تصريحًا في القرآن ، بالإضافة إلى مواضع ذكره تلميحًا في القرآن والسنة والآثار كما وضحت في مقالي هذا أعلاه.
وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
لقراءة المقالة المطولة عن نفس الموضوع :