طالما كان القرآن الكريم عدوهم اللدود ..

فكان لابد لهم أن ينزعوه عنا و يغلقوا عقولنا عن تدبره وتخويفنا من البحث فيه لتحقيق غايتهم ..

انتهجوا طرقا ملتوية وحيل شيطانية آتت أكلها على مر العصور ولم تظلم منه شيئا..

لقد شجعوا الناس على قراءة ببغائية بعيدة عن فهمه وتدبره وادعوا ان من فسر القرآن على رأيه إن أصاب لم يؤجر، وإن أخطأ مُحي النور من قلبه.

وادعوا أن "منْ قَالَ فِي القُرآنِ بِرأيِهِ ، فَلْيَتَبوأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ."

وبادعاء هذه السموم ..نجحوا في خسف نور القرآن من القلوب التي غُلِّفت بران الرواية...

(كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)

  • تحول القرآن الى نوع من الغناء وأطلق عليه اسم "التجويد"علما أن الله تعالى أمرنا ان نتدبره لا ان نتغنى به وبالتالي تم إلهاء الناس بصوت القارئ وفنونه باخراج الاصوات عن فهم معاني القرآن وتدبره.
  • شوّهوا تفسير الاية ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُون)ومنعوا الناس ان يلمسوه في أوقات معينة، والمس هو اصطلاح يشير للنفاذ داخل الممسوس وإدراكه من العمق وهذا لا يتأتَّي إلا للمطّهرين من رجس الأوثان والشرك (لا المتطهِّرين) ..فالمطهر طهارته روحية ذاتية ولا علاقة لها بالمتطهر ..

يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس" أي قَذَر لِخُبْثِ بَاطِنهمْ …

  • ادّعوا أن من يقرأ سورة كذا فكأنه قرأ ثلث القرآن، ومن قرأ سورة كذا فكأنه قرأ نصف القرآن وذلك ليشجعوا الناس على إهمال الباقي ما ينتج عنه عدم الاطلاع على مجمل القرآن وبذلك يستحيل تدبره…
  • ادّعوا أن سورة الفاتحة لو وضعت في كفة الميزان ووُضِع القرآن في الكفة الأخرى، لفضلت فاتحة الكتاب على القرآن سبع مرات. (سبحان الله عما يصفون )

أمام هذه الترهات تصبح قراءة القرآن مجرد ترف غير لازم فعله ..

  • جعلوا من أنفسهم اربابا من دون الله يعبدهم المسلمون طوعا او كرها تحت طائلة التكفير والسجن والاغتيال لمن يخرج عن قطيعهم فتحوّلنا من مسلمين الى مشركين من حيث لا ندري …
  • اقنعوا المسلم بأن جزاء من عمل بالقرآن برأيه هو في النار سواء أصاب ام أخطأ، وجزاء من عمل بالفقه والافتاء هو في الجنة سواء أصاب ام أخطأ ..

بهذا هجر الكثير من الناس القرآن والتفتوا الى السُنَّة .. تم هجروا السنة الى الفقه .. تم هجروا إلى الطائفة والجماعة وكفروا بعضهم وكل فرقة أدعت أن الأخرى في النار..

وحتى يشعر من هجر القرآن بالامان أفتوا بأن ما جاء في روايات الترات قاضيا على الكتاب (أي القرآن)و أن الكتاب لا يقضي عليها بشيء والكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب." فاقتنع المسلم بان الروايات أقوى من القرآن وجعلها مصدرا للتشريع …

وانقاد المسلمين عميانا كالقطيع وهم يرددون : "يجب الإيمان والتصديق بكلام الأئمة وإن لم نفهم علته ،آمنا بكلام الأئمة من غير بحث ولا جدال."

  • جعلوا من كل آية تعارض احكامهم فقالوا:" كل آية تخالف ما عليه أصحابنا فهو مؤول أو منسوخ." وأصبح إجماعهم أقوى من النص (اي، القرآن) لاشتمال الإجماع على تواطئ العقول الفاضلة من العلماء وغيرهم على تقليد أصحاب المذاهب والتدين بأقوالهم وأفعالهم لله والتقرب إلى الله تعالى بهم."
  • بعد ان أحكموا حصار عقل المسلم البسيط،كان لابد لهم من إرهابه إن لم يقتنع بكلامهم فقالوا: لو أن امرءاً قال: (لا نأخذ إلا ما وجدنا في القرآن) لكان كافرا بإجماع الأمة.. و الكافرٌ المشركٌ حلالُ الدم والمال. هكذا أرهبوا الناس من القران وسرقوه من بين أيديهم...

واليوم بعد كل هذا الفجور في التعامل مع القرآن الكريم أصبح القطيع يردد :

"واجعلنا من التابعين وتابع التابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين.."..

وهو بهذا الدعاء غافل عن كتاب الله وغافل عن قوله تعالى :

(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ )

نعم .. يتبرؤون منك بعدما سرقوا منك القرآن وغيبوك عن تدبره وفهمه وجعلوا منك عبدا لهم يفكرون عنك بعدما اغتصبوا عقلك ..

أنظر أيها التابع لغير الله أيها الهاجر لكتابه الكريم أيها المتشبت الذي أشركت مع الله آلهة أخرى ما ستقوله :

(وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ )

ستتمنى العودة إِلَى الدَّار الدُّنْيَا حَتَّى نَتَبَرَّأ مِنْ هَؤُلَاءِ وَمِنْ عِبَادَتهمْ ولن تلتفت إِلَيْهِمْ بَلْ لكي توحد اللَّه وَحْده وتتدبر آياته ..

ألا يكفيك قوله تعالى :

-وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا .