إنّ من يتولّى رعاية أي كائن حي، يدرك تمامًا أهمية المعرفة والتعلم. فمربّي الدجاج يتعلّم أسرار رعايتها، ومحبّ الحشرات يتقن فنّ تربيتها، ومن يريد قططًا مميزة، يتعلّم كيفيّة تدريبها ببراعة.

إذا كان هذا هو الحال مع الكائنات الأخرى، فكيف بمن يتولّى مسؤولية إدارة إنسان أو تربيته؟ إنّ المسؤولية هنا أعظم والرهان أكبر. فلا يمكن للمرء أن يقود إنسانًا أو يؤثّر فيه دون فهم عميق للنفس البشرية.

إنّ الجهل بالنفس الإنسانية يقود حتمًا إلى الظلم والأذى. فالإنسان أكرم المخلوقات، وأكثرها حساسية وتعقيدًا. ولهذا، فإنّ واجب كل قائد، أو مربٍّ، أو مسؤول، أن يتعلّم ويفهم دواخل النفس التي يتعامل معها، لكي يقدّم لها ما يليق بها من احترام وتقدير، ولينجح في توجيهها نحو الأفضل دون أن يظلمها أو يجرحها.

فالقيادة والتربية ليست مجرد سلطة، بل هي علم وفنّ، أساسه التعمق في فهم أرقى المخلوقات: الإنسان.