بقلم: محمد دومو

الصمت

بعد رحلة طويلة وشاقة، ها انا اقف أخيرا لأخذ قسطا من الراحة من كثرة العياء الذي حل بي وكلي حيرة، هل هذه هي طريقي؟ أم أخطأت الوجهة، ومشيت فيها بلا انتباه؟

لا داعي ان افكر في هذا، ولا حتى في الرجوع أيضا! و لماذا سأرجع إذن؟ ما دام الكل قادمون من نفس الوجهة، لم يبقى لي من مكان ألجأ إليه ولا من احد أنس بحديثه إذا ما رجعت هناك. لذا سأستريح لبعض من الوقت وأعاود المشي في الطريق هائما غير مبال بما قد يحدث لي، فالطريق تبقى طريقا سواءا أوصلتك وجهتك أم لم تفعل ذلك. فأنا مجرد عابر يعشق السفر..

انا لست لوحدي في هذه الطريق ولكنني ذاهب وكلي وحشة بحديث الرفيق، كان الناس من حولي يمشون جمعا جمعا في مأنس لرحلتهم، منهم من يسرعون في مشيتهم ومنهم من يتباطئون، الكل يتكلم وغير مبال بأتعاب الرحلة الا انا، فالتزمت الصمت، لن اكلم احدا، ولن استمع حتى لما يقولون أيضا، ما دمت قد أخطأت طريقي، فهذه وجهتهم وليست وجهتي..

انا مسافر وكفى، والسفر اجمل شيء في هذا الكون، سوف أحدث نفسي لأتخلص من عناء وتعب الطريق، ومن رأيي فكلام النفس أصدق بكثير من كلام الآخرين، انني اصدق انسان بحديثي هذا، في هذه الطريق الغريبة، لأن الكلام وان صدق الى أبعد حد، فلا بد من شيء غير صادق فيه ولو بقليل..

سوف أتابع سيري حتى النهاية في صمت تام، ولا تهمني الوجهة، ولا أبالي بأحد ولا حتى ماذا اريد لكي يطمئن قلبي، الكل بالنسبة لي غير اختياري من اصله، فلا داعي أن أعطي الموضوع اهتماما أكثر مما يستحقه، فانا مسافر مثلي مثل جميع مستعملي الطريق.