إذا كل واحدٍ مناَ انتظر أنْ يُرَدَ له جميله أو الصنيع الذي أدّاه، و إذا كان كل فرد ينتظر أن يقابل أو يعامل كما عامَلَ هو الطرف الآخر أو الناس فهذا خطأ منه، أنت لا تعلم كيف تعمل عقول البشر و ما يدور في نفوسهم، قد تساعد أحد الأشخاص في شيء ما و تُمَنّي نفسك بأنْ يعود هذا المعروف عليه بمعروف إليك يوماً ما ثم تصطدم بمغادرته و لا يقول حتى كلمة شكراً لقد كنت طيباً، لا أريدك أن تستغرب أو تحتار لأن الطيور على أشكالها تقع كما يقال.

إذا ساعدت أحداً ما فساعده لأنك أردت فعل ذلك، لأن هذا ما يمليه عليك ضميرك، ما يحث عليه دينك، أنت تقف معه لأنك إنسان طيب بالفطرة، خلقت من أجل ذلك في داخلك كل هذه الأفكار و كل نبض من قلبك يقول ذلك، لا تنتظر كلمة شكراً من أحد و لا بأس إن سمعت ذلك ، لا تنتظر رد معروفك فأنت لست بحاجة لذلك كُنْ قوياً بذاتك اجعل معروفك يمدك بالصلابة و يريحك من الداخل لا تبال أبداً بالنكران هذا لا يهم ، أنت فعلت ما كان يجب أن تفعله فقط، وإِّنْ رأيت الضعف يسطو عليك و بادرت ذهنك تلك الأسئلة المعتادة لماذا أنا فعلت وهو لم يفعل؟ أَسْرِعْ بالجواب مباشرة لأنني أعظم منه، أنا من عالم و هو من آخر، أنا لا أقصد كوكباً آخر و لكن أتكلم عن العالم الذي تعيشه مع ذاتك، إِنَّ الناس أشكال و ألوان و هناك الكثير من الطماعين من يستفيد منك ثم ينسى أمرك بعد ذلك و إن لم تتفطن لهذا النوع من الناس فستظل تنتظر رد الجميل منه طول حياتك و قد تصطدم بالعكس فلو كنت يوماً في طريقه حتى بالصدفة قد ينسى ما فعلت من أجله و يضغط على مسدسه و يسقطك قتيلاً أو أكثر من ذلك قد تصاب فقط و هذا هو الألم الأكبر لأنك ستظل تتجرع مرارة موقفك معه و ردة فعله في النهاية لذلك لا تنتظر من أحد أن يقابلك بمثل ما قابلته، لأجل هذا الموقف استمع لهذه القصة، احتاج أحد الفقراء في حي شعبي لثلاجة و قد وصل هذا الخبر إلى جيرانه فاجتمعوا سراً من أجل التفكير في طريقة لمساعدته فما كان من أحد الأشخاص إلا أن تبرع له بثلاجة ثانية يملكها و انتهت هذه المشكلة سريعاً بعد ثلاثة أشهر من هذه الحادثة أرجع ذلك الجار الفقير الثلاجة لصاحبها و قال له: يا أخي ثلاجتك هذه لا تعمل خذها استغرب صاحب الفضل و دخل إلى منزله و كلم زوجته بحيرة لقد مضت عدة أشهر وهي عنده كيف لا تعمل؟ لماذا لم يقم بإرجاعها من يومها؟ أنا لا أفهم ما يحدث و في تلك اللحظة كان ذلك الجار الفقير قد أعلن في الحي لجيرانه أن الثلاجة قديمة و معطلة و لم تعمل سوى بضعة أشهر،لما وصل الخبر لصاحب الفضل توجه مباشرة لمحل بيع الأجهزة الكهرو منزلية و اشترى ثلاجة جديدة و انتظر حتى حلَّ الظلام و أخذها إلى ذلك الجار الفقير قام بطرق الباب عليه و لما خرج قدم له الثلاجة و قال له: هذا تعويض عن الثلاجة الأخرى.

إنَّ هذا الجار استغرب حقاً من موقف جاره هذا الذي قام بمساعدته لكنه لم يعاتبه أو قام بلومه بل اشترى له واحدة جديدة وقدمها له واعتذر فوق ذلك، لماذا في رأيك؟ لأنه أيقن في نفسه من الداخل أنَّ هذا الشخص الذي قام بهذا التصرف معدنه دنيء و رخيص لا يستحق منه المجادلة، أدرك بأنه كبير جداً مقارنة بهذا الجار المسكين، ليس مسكيناً لأن حالته ضعيفة و يحتاج إلى ثلاجة بل لأن نفسه مريضة و يحتاج للعلاج، أدرك أنَّ ما فيه يكفيه من هموم و سوادٍ للقلب و قلة للحياء، إنَّ كل ما أعده و استخلصته من هذه القصة هو عبرة لي و لكل شخص قرأها كذلك، لأن كل واحد فينا اصطدم بموقف مشابه حتماً سواءٌ من الناحية الاجتماعية، العاطفية أو نواحي أخرى ومن لم يتعرض لذلك قد يحدث معه موقف مشابه فعليه أن يتغاضى على ذلك الأمر و يأخذ بعين الاعتبار ما جعلته عنواناً لهذه الفقرات، لا تنتظر مقابلًا من أحد و أيقن في نفسك دائماً أنَّ المعدن النفيس يظل نفيساً و أدعوك أيضاً أن تكون قوياً و لا تضعف.