القصة بقلم : ملك عبده
عمري الآن تجاوز الثلاثين ولكن ما أراه في مرآتي فتاة في عمر الخمسين .برغم أني مازلت أحاول إخفاء تلك الملامح خلف مساحيق التجميل باهظة الثمن والماركات العالمية التي أنتقي منها ملابسي لكي أظهر بهذا الشكل المخادع لكل من يراني من الناس .تحسست وسادتي لأعلم الي أي مدى قد اغرقتها دموعي وتقلبت على فراشي داعية الله أن أغمض عيني ولو للحظات كي أنسى ما يدور في ذهني عن ما مضى ..عندما تركته على طاولة الطعام في أحد الفنادق الفخمة …كاد ان يجن جنونه عندما علم أني راحلة …. اتريدن الرحيل ملك
أغمضت عيناي حتى لا أرى ملامحه فيأخذني الحنين إلي أن أتراجع عن قراري
نعم باسم لقد اخترت الرحيل
ليته يعلم أن الأمر ليس بيدي وإن اختيار البقاء ليس في مدونتي ….
.نظرة إليه فقراته فهو كتابي الذي قراءته إلي أن حفرت كلماته وأفكاره في عقلي …
ليتك تعلم وليتني أستطع أن أخبرك
…………ولم لم تخبرني ملك
سرحت بعيناي بعيدنا عنه أتذكر لقاءنا الساعة الحادية عشر مساءا في تلك الليلة الباردة وعلى أصوات تساقط الأمطار وأصوات الرعد التي هزتني من داخلى نظرة من نافذة غرفتي المطلة على الشارع الرئيسي من المنطقة تحيط بجانبي الشارع أشجار كثيفة …مددت يدي لالتقط بعض قطرات الماء عليها …ومازلت نظراتي موجهه الى السماء لا أعرف بما دعيت هذه الليلة كي اراه وتبدأ قصتنا …
.ما أن إنتهيت من دعاءي إلا وقد رأيته شاب في الثلاثين من عمره واقفا تحت شجرة على الجهه الأخرى من الشارع يبدوا على مظهرة من بعيد أنه يبكي ..
.لا أعلم ما الذي دفعني للذهاب إليه كل ما اذكرة أنني وجدته يبكي فعلا لقد وقع في قلبي ألم لم أعرفه من قبل وقفت أمامه ينظر كلا منا الي الآخر تتساقط دموعنا ولا حديث يدور بيننا افقنا على صوت السيارات التي تمر بجوارنا ليرحل كلا منا في صمت …عودت الي منزلي ودخلت غرفتي ابدلت ملابسي وتوضاءت جلست على سجادة صلاتي ناجيت ربي من أجلة صليت ووهبت له إقامة تلك الليلة كلها من الدعاء ….لحظات وانار الكون بلون الشمس الذهبي وها آنا أواجه أمي بوجهي المرهق لأقع تحت قائمة الأستجواب عما بي وبالرغم من محاولاتي الكثيرة لتجنب النظر في عينها إلا انها ألقت القبض علي عيني…. _صباحك خير ملك _صباحك خير وسعاده أمي -يبدوا أن ليلتك لم تكون لطيفه بالقدر الكافي لترتاحي بعد عناء يومك الطويل -لا تقلقي أمي مجرد إرهاق العمل وصوت الرعد تعلمين كم أخشاه -الأفضل أن ترتاحي اليوم من العمل
-لا لن أستطيع امامي الكثير من الأعمال المتأخرة إرتديت ملابسي وأخذت قهوتي على عجل وذهبت الي العمل… فأنا اعمل في احدى المصالح الحكومية ويكون تعاملي مباشر مع المواطنين عملي صعب للغاية دائما مشادات و أحتكاكات مع المواطنين الذين إعتادوا أن الشاي هو الذي سيجعل أوراقهم تقبل . لقد أختلط عليهم الأمر بين موظف شريف يؤدي عمله وآخر جعل من المكان الذي فيه باب رزق يجمع منه المال الحرام في جيوبه ليرجع بيته وتعلوه تلك السعادة المزيفة التي إختلطت بالإثم .
أكثر كلمة أسمعها طوال اليوم في عملى لقد أرسلني لك استاذ فلان أو أن يقدم لي البعض الشاي كما يقولون وعندما أرفض أرى في نظراتهم إما الدعاء لي أو الاستنكارمن تصرفي واتهامي بأني معقدة ولكني لم أبالي ولا أضع أمام عيني ما يقولون كل ما أريده هو أن يرضى عني ربي وليس البشر وصلت مكتبي وبداءت العمل ولكن الغريب أنه لم يغيب عن تفكيري ولو للحظة واحدة
. .الجميع يحدثني ولكني في عالم آخر .. .تجسدت صورته في كل مواطن وقف أمامي لدرجة أنني لم أريد أن ينتهي يومي…….
والغريب عندما وقف أمامي أحد المواطنين الذي قد نال نصيبه من التعب من كثرة اللف على المكاتب لينهي بعض الأوراق التي بيده نظرت لأجد الدموع تتساقط من عينيه . وكأنه أخذني ليلة أمس بكل تفاصيلها لا ترك مكتبي وأخذ الورق من بين يديه أقوم أنا بإنهاء الاجراءت بدلا منه والجميع ينظر لي في حالة ذهول ولكني لا أبالي ………
مر يوم العمل الشاق وكأنه لحظات الجميع لاحظ على نشاطي الذي كنت أنجز به طلبات المواطنين بالرغم أن هذه طبيعتي في العمل ولكن اليوم همتي فاقت الوصف
…انتهى يوم العمل وخرجت مع زميلاتي تركتهم يركبوا الباص ورحلت بمفردي أردت أن أمشي علني أراه ولو صدفه …أحدث نفسي وأترجى ربي ليتنى أراه مرة أخرى .
لم أدر لماذا تساقطت تلك الدموع من عيني أيعقل أن يشتاق المرء لهذا الحد لشخص لم يعرف حتى إسمه ولكني اشتقت …..ورب الكعبة اشتقت …
مازلت أمشي فالطريق طويل ومازلت أبحث عنه في عيون البشر في إشارات المرور وراء كل شخص مر من أمامي في المصلين الخارجين من أبواب المساجد في العائدين من عملهم في إبتسامة الأطفال وفي أشعة الشمس ولكني لم أجده ولم أفقد الامل. ….
وها قد إنتهى طريق العوده لأجد نفسي أمام منزلي وفي الجهه الأخرى الشجرة التي تحت أغصانها سرق قلبي
الجزء الثاني من القصة