بداية سأحدثكم عن نفسي ، لست مواظبًا على القراءة أو مدمنًا لها وفي نفس الوقت ليست لدي مشكلة معها، فأنا على استعداد للانكباب على قراءة أي كتاب مهما كان حجمه إن أعجبني موضوعه ومحتواه ونسيان العالم من حولي، ولكن لم تكن القراءة بالنسبة لي عادة أواظب عليها.

في بدايات 2018 أنشأ أحد أصدقائي القدامى مجموعة على برنامج الواتساب وأضافني مع صديق مقرب آخر ، نحن الثلاثة جمع بيننا حب قراءة الروايات في أيام المراهقة ، كنا مدمنين على روايات الجيب كرجل المستحيل وما وراءالطبيعة وأثناء المرحلة الجامعية كنا مدمنين على روايات أجاثا كريستي، وتوقف هذا الشغف بدخول كل منا عالم الوظيفة والحياة الزوجية إلى أن قرر صديقنا مشكورًا أن ينشأ هذه المجموعة التي تهدف إلى إذكاء جذوة القراءة فينا من جديد وفق منهج يقضي بأن نجتمع اسبوعيًا ونختار كتابًا نتفق عليه جميعًا -غالبًا كانت العملية تتم بالدور حيث يقترح أحدنا كل أسبوع كتابًا ويقترح الآخر كتابًا في الأسبوع المقبل - ونقرأه طوال الأسبوع ثم نجتمع في الأسبوع المقبل لنتناقش حول ما قرأناه ونتناقش حول تطوير هذه المجموعة والوصول بها إلى ما يخدمنا ويخدم احتياجاتنا من القراءة بأفضل وجه ممكن. كنا ننظر إلى طول الكتاب ونقسم عدد صفحاته على عدد أيام الأسبوع وإن كان الكتاب كبيرًا نسبيًا قرأناه على أسبوعين وهكذا .

البداية كان فيها شيء من التعثر، فلم نكن نوفق أحيانًا في اختيار الكتاب المناسب القادر على جذبنا حيث أننا في بداية الطريق بحاجة إلى كتب لا تشعرنا بالملل أو التوهان حتى لا نفقد حماسنا إلى أن تصبح القراءة عادة يومية وإدمانًا لا غنى عنه، كما كان توفير وقت يومي للقراءة أمرًا فيه شيء من الصعوبة بادئ الأمر مع وجود العديد من الملهيات الآخرى، وقد تنبأ البعض بفشل هذا المشروع ولكن بحمد الله واصلنا التقدم رغم العقبات وانضم إلينا رفيق رابع كانت لديه مشكلة مع القراءة وانضم إلينا ليتخلص من هذه المشكلة ويلحق بنا .

تطور المستوى بعد بضعة أشهر فالكتاب الذي كان يستغرق منا أسبوعين مع مشقة في قراءته صار يستغرق أسبوعًا لإنجازه وبيسر دون مشقة، كما أننا قررنا العمل بقاعدة 60/40 والتي تقول بأنه ينبغي أن تكون 60% من قرائتك في مجال تخصصك او اهتمامك و 40% قراءة عامة ، وبسبب اختلاف تخصصاتنا واهتمامتنا كان من الصعب أن يختار أحدنا كتابًا في تخصصه ثم يفرضه على بقية الأعضاء لذلك أصبح هناك كتاب أسبوعي موحد يمثل ضابطًا لنشاط المجموعة ومحركًا لها إضافة إلى كتاب آخر خاص يختاره كل عضو وفق ما يناسب تخصصه وهواه ويقرأه منفردًا .

استمرت المجموعة بالسير على هذا المنهج بانضباط -أندهش أنا نفسي منه - طيلة الأشهر الماضية مع بعض محطات التوقف في رمضان والأعياد وما شابه ذلك .

أنجزنا خلال هذه الفترة ما يقارب من 30 كتابًا مشتركًا إضافة إلى العديد من الكتب الفردية التي قرأها كل منا بمفرده بعد أن أصبحت القراءة بفضل الله عادة يومية نشعر بوجود ما ينقصنا إن لم نمارسها .

أمثلة مما أستطيع تذكره من الكتب التي قرأناها :

-الحرب الباردة

-حوار مع صديقي الملحد

-النوم

-نظرية الفوضى

-تكوين المفكر

-حياة حقيقية

-اهتم بذاتك

-فيدكس قصة نجاح

-فن اللا مبالاة

-وهم الإنجاز

-ثورة الفن

-قهوة باليورانيوم

-شاي بالنعناع

-شآبيب (رواية)

-في ممر الفئران (رواية)

-أظهر للتوتر أنك الرئيس

-الإدارة في المواقف الضبابية

-قوة الآن

-الرقص مع الحياة

-مع النبي صلى الله عليه وسلم

وغير ذلك من كتب لا تحضرني الآن وكذلك من الكتب التي قرآناها منفردين ، ولازال المشروع قائمًا ومستمرًا بحمد الله .

أما الدروس المستفادة من هذه التجربة فأوجزها بما يلي:

-العمل الجماعي ليس أبدًا كالعمل الفردي، عن نفسي لم أكن أتصور قبل انضمامي لهذه المجموعة أن أنجز كتابًا يتجاوز ال300 صفحة في أقل من شهر فإذا بي أنجزه الآن في أسبوع أو أقل! وهذا عائد بعد فضل الله إلى التحفيز المتواصل من قبل أعضاء المجموعة، فإن تقاعس أحدنا ثم رأى همة الآخرين وإنجازهم تحمس للإنجاز، وإن ظن أن في نفسه ضعفًا يمنعه من الإنجاز ثم رأى من حالهم يماثل حاله وقد أنجزوا أدرك أن إحساسه بالضعف مجرد وهم

-الدرس الثاني: أنت من يحدد سقف قدراتك وإنجازاتك : كما ذكرت قبلًا: كنا نجد صعوبة لإنجاز كتاب من 200 صفحة في أسبوع ،وفي أحد الأسابيع اخترنا كتابًا ربما تقترب صفحاته من ال300 أو تتجاوزها لست أذكر واتفقنا على تقسميه على أسبوعين ثم شاهدنا سويًا مقطعًا للدكتور طارق السويدان يتحدث فيه عن القراءة وذكر أنه يقرأ شهريًا نحو 9 كتب! فالتفتنا إلى بعضنا وقلنا : لننجز هذا الكتاب في أسبوع! وقد كان! وكانت تلك نقطة تحول في المجموعة تضاعف بعدها إنجازنا ولله الحمد.