في هذا العالم امور كثيرة نجهلها وأخرى نعرفها لكن ما هو مهم هو

متى يتوجب علينا أن نعرفها؟

وماذا قد يحدث لو عرفناها قبل أوانها؟أو بعده؟

هل سيكون الأمر أفضل؟ أم أسوء؟

في طفولتي نحو حوالي 6 أعوام عشتها في بلادي رفقة عائلة أبي وأمي وأخوتي لطالما قضيت اليوم كاملاً بالشارع دون التعب

كنت أعشق اللعب خارجاً رفقة أولاد عماتي،كما غالبية الأطفال،لكنه قد تقرر سفرنا لخارج البلاد بسبب اشتداد الحرب فيها،كان علي توديع كل شيء فجأة ولكن لم أفعل لأني لم أعلم أنه سيكون آخر لقاء نلمس فيه أيادي بعضنا،حال وصولنا استقبلنا خالي ولا أدري لو كان برفقته أحد آخر لكن المكان كان مختلف،كل شيء كان مختلف،كثير من السيارات،ولا أطفال بالشارع،ولا جدي،أو جدتي،الجو معتدل لكنه غير اعتيادي،أتذكر وجود رجل استقبلنا عند المنزل،وربما كان رفقتنا سابقاً ولم ألحظه،كان وجهه صعب الحفظ لأن عيني لم يسبق أن تراه،كان يعيش معنا لكنه لا يتواجد إلا أواخر الليل بعد أن ننام ،وفي الصباح الباكر قبل أن نفيق من كان مجرد شخص ما،مع عيشنا لفترة طويلة، لاأذكر أني قد تكلمت معه أو اقتربت منه،لطالما كنت بعيدة،في نهاية المطاف وجوده كان يوترني فقط،يحيط شقيقتاي بين ذراعيه ويعطيهما حباً كبيرة،كان يفضل الفتيات،لكنه لم يفضلني رغم ذالك،ومع مرور الزمن،رغم أني وصلت لعمر العاشرة،لم أعتد عليه،وكنت أجهل سبب وجوده،كل ما استطعت اكتشافه بتركيزي الضعيف وعقلي الطفولي،أنه كان أبي.

رغم معرفتي لذالك لم أعده أبي، من الصعب أن يكون أبي وأنا لم أره أو أعش معه ما يكفي من اللحظات،أعني أنه لم يكن أباً لي بل لشقيقتاي فقط أو ابنه الصغير فقط لأنه كان ما يزال طفلاً!

لا أذكر أي يوم كان لأني لا أترخ ولا أذكر إن كنت في سن العاشرة او الحادية عشرة،لكني أثق من شيء واحد فقط،وهو أني لا أستطيع أن أتخطى يدي والدي وهي تعتصر رقبتي بقوة،ترفعني وتنزلني،كان ذلك لأني لم أجبه بكلمة "نعم"بل قلت"شو"بصوت مرتفع قليلاً أكثر من المطلوب من فتاة،تجاهلت ما حدث تماماً في طفولتي لأني لم أنسجم مع البيئة مطلقاً ولم أملك الوقت للتفكير بشأن أي شيء لأني طفلة بملاحظة ضعيفة،بل أني "طفلة بريئة غبية"هذا ما أنعت به تلك الطفلة من الماضي بعض الأحيان أي كيف تعطين الإذن لشقيقك أن يرى جسدك...ويلمسه..ويفعل ما فعله.

علمت حالما بلغت عامي الرابع عشر سوء ما وقعت به "بريئة الطفولة"

محاولة قتل من رجل فشل في أن يكون أباً لطفلته الضائعة بالغربة التي لم تدرك شيئاً بل أن عقلها لم يرغب بإدراك الحياة الجديدة

"بريئة الطفولة"التي كان رفاقها يطردونها ويسخرون منها مباشرةً في وجهها،وتبتسم لأنها فقط كانت حمقاء بما يكفي كي لا تفهم ذالك

"بريئة الطفولة"التي جعلت من نفسها دمية أخيها لأنها لا تعلم الخطأ ولا الصواب ولأنها على العكس تحتاج لمعرفة الحل ،لكن تبين أنها سبق واشتكت مرة لشقيقتها التي أخبرت أمها،وكان ذالك سبب نومه لاحقاً في غرفة الجلوس.

تبين فقط أني أنا الحالية تشعر بالكره الشديد ناحية أخيها وأبيها لأنهما لم يكونا كما كان من المفترض،وتبين أيضاً أن الله رحم عقل طفلة من فهم ذالك لأنه قد يودي بحياتها،لكنها في النهاية علمت وهي طفلة،علمت كيف يكون القتل والانتحار،وكم عشقت أذية وضرب نفسها في إحدى الفترات،أو كيف كادت تجن ورفعت سكيناً على عدد من أفراد عائلتها،كيف يكون الاعتداء و التنمر،وكيف هو الكره،سقطت في قاع من الكراهية نحو عائلتها ورفاقها،وفي ذات الوقت بقيت وستبقى عالقة في القاع،في بركة مليئة بالألم،لن تفكر أنا بالزواج،لأنها حتى لو أحبت لاحقاً، ولو تقدم لها من تحب،لن يسعها إلا الرفض،لن تملك أي طفل ولا زوج،ولن تكون أماً،ستستمر بحرمان نفسها من أي رجل محلل له النظر لجسدها ولمسه،لأنها لن تسمح لأي شخص بمعرفة قوام جسدها،ستستمر بالإبتعاد والحرمان(كما ستشعر بإلم سكين عالق في صدرها يمنعها أن تزفر زفير الراحة).ستصنع في مخيلتها زوجاً وأطفال

لأن ما وقعت به أنا هو إضطراب صدمة الطفولة ! الذي أنتج فتاة فاشلة في تكوين أي نوع من العلاقات،فاشلة في جعل ذالك يستمر.

رجاءاً إلى كل من قرأ الرسالة هذه بتمعن حتى هذه الكلمة،إن كنت أخاً إرحم أخوتك،وتأكد من عفوك في معاملة رفاقك لأن بعض الآثار مهما كانت بسيطة لا تزول أبداً؛بل أنها في النهاية قد تصنع وحشاً يؤذي أطفالهأو من حوله،بالنسبة للأهل عليكم حقاً التركيز في بيئة أطفالكم لأن الإعتداء والتلقي الخاطئ أحياناً يكونان من داخل المنزل لهذا قد لا يكون ترك أبنكم مع ابنتكم والإطمئنان قرار صائب يجب التأكد أولاً أنهما عاقلان بعيدان عن الخطأ والحرام،رعايتهما تقتضي على التركيز فيها يفعلون حين ينفردون،فمن السيء معرفة بعض الأمور قبل أوانها،أو بعضها الذي ينبغي أن نخضع لحماية أهلنا كي لا نعرفه (لأن صدمة الطفولة تصنع شخصاً عاجزاً عن العيش بسلام).

انا الحالية تشعر بالندم والحزن لما حل بنفسها الطفلة،تأسف وتبكي من أجلها لأنها لم تكن قادرةً على معاونتها وإنقاذها من ألم لم يفترض بطفلة أن تعيشه،بأمور لا يتوجب على طفلةٍ معرفتها أياً كان عمرها،وتقرر حلم الأنا ! مالم أنقذ نفسي الطفلة وأنا نادمة على ذالك،فأني أوجه رسالة لأنا بعد سبع سنين أن أخبريني....هل أنت طبيبة نفسية الآن؟ وكم من طفلٍ عالجتي؟!

هل أنقذتهم لأجل أنفسهم اللاحقة؟ استمري بذالك علك تكفرين عن ذنبك بحق نفسك البريئة،تلك النفس التي لوثتها أنا

من نفسي بعمر 17 عام بتاريخ 2023/6/11 الساعة 4:50 عصراً

إلى(نفسي بعد 7 سنين)