#دفاتر _خواطر- أفكار

على راي ستي أنيسة أم فايز" :- (لفوها بالحصيرة )

******

في أوائل القرن العشرين و في برقين كسائر قرى فلسطين في ذلك الوقت، كانت معظم البيوت تتكون من غرفة واحدة أو اثنتين على الأكثر، فيها تجري كل نشاطات و فعاليات الأسرة بما في ذلك استقبال الضيوف و المعيشة و الطهي و تناول الطعام و ربما النوم أيضا.

قبل أكثر من نصف قرن، روت ستي أنيسة "أم فايز" على مسامعي هذه الحادثة و التي وقعت قبل قرن تقريبا:

((في أحد الأيام جاء رجل من الأقارب لزيارة أهل واحدة من قريباته، و كان الأب يتوقع أن الضيف قادم بنية خطبة ابنته (ز)، و حيث أن الضيف قد وصل قبل موعده فقد باغتهم و (ز) موجودة في نفس الغرفة التي سيتم استقباله بها. و حيث أنه من غير المقبول أن تبقى المخطوبة "أو المنوي خطبتها"و تشارك الخاطب بالجلسة، فقد طلب منها والدها كحل طارئ سريع لا بديل له أن تقف (ز) بزاوية العَقِد (الغرفة)، ثم قامت أمها بلف (ز) بالحصيرة المركونة هناك على الحائط. و قد كان ذك متيسراً و سهلاً بما أنها كانت حينه ممشوقة القوام لا يزيد وزنها عن 40 كيلو غرام و عمرها لم يكن قد تجاوز الخمس عشرة سنة.

دخل الضيف الخاطب إلى الغرفة، و راقت له الجلسة و طالت إلى ما يقارب منتصف الليل، و هو يثرثر و يستعرض رجولته و بطولاته و ثروته و امكانياته ليقنع الأهل بالموافقة على طلبه، و كان الأب يتنحنح، و الأم تفرك يديها قلقاً على ابنتها المكبلة بالحصيرة الواقفة على قدميها لساعات دون أن تستطيع أن تأتي بأدنى حركة.

لم يسمع أهل الدار من كلام الخاطب شيء، و قد أطال و أسهب و أجاد و أعاد و زاد في الحديث، مستعرضاً و متفاخرا كما هو متوقع، و الأب عين على ضيفه و عين على الحصيرة المركونة بالزاوية، و قد حاول جهده أن يختصر الزيارة بقوله: هاتو الشاي و هاتو القهوة، شو رايك تتعشا معنا؟؟!! و شكلك مش نعسان؟؟؟!!!، و ما بدك تروح ع دارك؟؟؟!! و سلم ع أمك و أبوك، و غير ذلك من الرسائل المبطنة على أمل أن يلتقطها الضيف فيختصر زيارته و يغادر المنزل. لكن الخاطب كان مستمتعاً مصطهجاً و مرتاح بالجلسة على الآخر، و (ز) المسكينة واقفة متصلبة كالصنم مكبلة بالحصيرة مركونة على الزاوية، لا تستطع أن تسعل أو تنطق أو تتنفس،و لو احتاجت الحمام لما وجدت من حل أمامها إلا.....، و ربما فعلت.

بعد انتصاف الليل بقليل، أخيراً تزحزح الضيف و خرج، و قد كان يود لو أنه لا يخرج و يمكث إلى مطلع الفجر، عندها هرع الجميع إلى (ز) فأنقذوها من الاختناق بآخر لحظة و على آخر رمق، و قد خارت قواها من التعب، فسقطت أرضا مغماً عليها حتى أسعفوها براس بصل)).

إلى هنا ما روته ستي أنيسة أم فايز رحمها الله و رحم قريبتنا (ز).

 أتذكر هذه النادرة الطريفة كلما رأيت او سمعت بعض المسؤولين و الفاسدين المفسدين الإمعات وهم يفقعونا بسيل من التصريحات الإعلامية و التغريدات التويترية و الفسفسات الفيسبوكية الخزعبلية الكاذبة التطبيلية التزميرية و المنفصلة عن واقع شعبنا الأليم و نضاله الدؤوب على جبهتي الاحتلال و الفقر و ضيق سبل العيش، فأقول كم أتمنى لو أننا نستطع لفهم بحصيرة وركنها على الحائط؟؟؟!!!!!!!! 

على بالكم هيك بنرتاح منهم ومن شرورهم ومن نقهم و نقيقهم ؟!!!،أم أنه يصعب عليهم البقاء "ملفوفين بالحصيرة" زي قريبتنا (ز) !!!!!:

******

دمتم و تحياتي للجميع

محمد أبو المجد جرار- البيرة – فلسطين 6-2-2022