أمي ، اكتئابى متعدد الأشكال يوماً قد ترينه صغيراً كيراعة على كف دب ، اليوم التالى يصبح الدب نفسه ..... فى تلك الأيام أتصنع الموت حتى يتركنى الدب و شأنى .

أُسميّ الأيام السيئة بالأيام المظلمة ، أمي تتقول : حاولى إضاءة الشموع !

  • لكن حينما أرى الشموع .... أرى أجواء و أنوار الكنيسة ، أرى وميض اللهب .... شرارة ذكريات ليست ببعيدة ، و أراني ..... واقفة بجانب تابوتها المفتوح ، فى هذه اللحظة ....... أدرك أن كل من عرفته يوماً سيموت و يغادرني يوماً ماً

  • إضافة إلى ذلك أمي ، أنا لا أخاف الظلام ....... ربما هذا جزء من المشكلة بالأساس .

أمي تقول : اعتقدتُ أن مشكلتكِ أنكِ لا تستطيعين مغادرة سريركِ .

  • لا أستطيع ، القلق يحتجزني رهينة داخل منزلي .... داخل رأسي .

تسألني أمي : و من أين أتى القلق ؟!

  • القلق هو بمثابة القريب الذى أتى زائراً من مدينة أخرى ، فأضطر الأكتئاب أن يدعوه للحفل .... أمى ذلك الحفل ...... هو أنا ، فقط ...... أنا حفل لا أود حضوره .

تسألني أمي : لما لا تحاولين الذهاب لحفلات حقيقة ؟ قابلي أصدقائكِ !

  • بالطبع ، أنا أضع خططاً كهذه ، أخطط لذلك ...... لكنى لا أود الذهاب ، أخطط لذلك ..... لأنى أعلم أن هذا ما ينبغي أن أريده أو ربما أردتُ الذهاب فعلاً يوماً ماً ...... فقط ....... قضاؤكِ وقتاً سعيداً بينما أنتِ لا ترغبين بذلك فعلاً ليس أمراً ممتعاً أمي على الأطلاق .

  • أمي ، كل ليلة الأرق يقلبني بين ذراعيه ...... يغمسني فى المطبخ على ضوء الموقد الخافت ، الأرق له طريقته الرومانسية فى جعل القمر يبدو كالرفيق الامثل لي .

أمي تقول : حاولي عدّ الخراف حتى تنامي .

  • لكن عقلي يمكنه فقط إحصاء الأسباب ليبقى يقظاً ، لذا أخرج للمشي ..... لكن ركبتيّ المضطربتين تصدرا صريراً كملاعق فضية تحملها أيدٍ قوية لكن بمعصمين هزيليين ، ترن تلك الأصوات فى أذني كأجراس كنيسة عابثة ، تذكرنى بأنى أسير نائمة وسط محيط من السعادة لا يمكننى إجاد مكانا لى به .

أمي تقول : السعادة قرار .

  • لكن سعادتي جوفاء كبيضة مثقوبة ، سعادتي بمثابة حرارة عالية ستشعل المكان .

أمي تقول أني جيدة فى تضخيم الأمور ....... ثم تعود لتسألني : هل أنتِ خائفة من الموت ؟!

  • كلا ، أنا مرتعبة من الحياة ، أنا وحيدة أمي ، أعتقد أنى تعلمت حين رحل والدى كيف أحوّل الغضب إلى وحدة و الوحدة إلى إنشغال ، لذا عندما أخبركِ أنني مشغولة جداً مؤخراً ، فأقصد بذلك أن النوم كان يغلبني و أنا أشاهد برنامجاً ماً مستلقية على الأريكة ، لأتجنب مواجهة الجانب الفارغ من فراشي ، لكن الأكتئاب يسحبني دائماً إلى فراشي ...... حتى أصبحت عظامي آثارا منسية لهيكل مدينة غارقة ، حتى أصبح فمي مجرد تجمع عظميّ لأسنان تحطمت من الجزّ عليها ، حتى أصبح صدري الأجوف كساحة تغمرها أصداء دقات قلبي ، أنا هنا سائحة غير مبالية لن أعرف يوماً حقيقة الأماكن التى مررت بها .

أمي لا زالت لا تفهم الأمر !!!!

  • أمي ألا ترين ؟! بأنني مثلكِ تماماً لا أفهم !