هأنا عشوائية يارفيق أقرأ فى كل شئ فى الدين والتخطيط والعمارة ، أحاول أن أجد رابط بينهما، ذات مرة حاولت أن أطبق الحديث بمفهوه الظاهر لى(من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)، فالرسول أوتى جوامع الكلمة، فترائت لى أن كلمة كربة تشمل كل كربة؛ وقد تكون كربة فى نظر صاحبها وفى نظر الأخر لا شئ.

 أعود لحديثى السابق حاولت التطبيق؛كنت فى سيارة وأراد السائق أجرته وليس معى فكة، وفى هذا الوقت صارت الفكة شئ ثمين؛إذ حان موعد النزول والسائق فى حاجة لأجرته، أجارك الله من أخلاق سائقين هذا الزمان، فإذا به توقف فى سوق العتبة وإذ بباع يسأله السائق عن فكة، فلما عرف بأمرى، دفع له أجرته ونزلت أنا، ولم أهدأ حتى اعثر على فكة وأدفع للراجل حقه، فذهبت إلى بقالة واخترت شئ زهيد لشراء فنظر الشاب وقال بكل بجاحة نعم بجاحة يارفيق، تشترين لأجل الفكة، وكنت قوية فى تطبيق الحديث فقلت له بكل قوة، ولو قلت لك فك لى بدون الشراء هل ستفك لى، فأخذ يتعلل بقلة المال وأننا مازلنا فى الصباح، فأخرجت حجتى وقلت له (من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)ثم فكها يفكها ربنا عليك، ما بال تلك المعانى صارت غائبة عنا، أليست تلك بكربة يارفيق إنها حقوق تضيع، وأليس هذا البائع كان كمن فرج عنى إذ دفع لى الأجرة حينها.

 أعود لحديثى السابق يارفيقٍ ألم أخبرك أنى عشوائية لكنى أرى أن ثمة ترابط بين الجميع، أذكر لك موضوعى الرئيسى لطالما لفت إنتباهى هذا التغير المناقض فى مجتمعنا وظهور مصطلحات وسيطرتها علينا وتناقض بين القول والفعل، لطالما شغلنى علة هذا ، من أين بدأ وما مصدره وكيف أقى نفسى أو أكون على وعى به كى لا أقع فى الهوة، فإذ بى أثناء قرائتى لكتاب يتحدث عن العولمة والرأسمالية والليبرالية والحلولية والنسبية التى بدئت فى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، يصف النموذج الحلولى وكيف بدأ يطبق على الناس ويجعل من الإنسان قيمة، يستفيد منها قدر المستطاع ، فإذ به فسر لى سر هذا التناقض لطالما سمعت لفظ مصلحة؛ هذا الرجل بتاع مصلحته، بينما فى مرجعنا الدينى حديث يدل على السعى فى قضاء حاجة الغير خير من الإعتكاف فى المسجد النبوى، وأحاديث أخرى تبين حق المسلم على المسلم، وروينا أن أبى حنيفة كان يتاجر فإذ ابتاع ما يكفى حاجته وجاء مشترى أخر يرسله لتاجر أخر كى يرزق، وروينا أن أبائنا وأجددنا منذ عهد قريب فى قريتنا كانوا يتشاركون الطعام ويتعاونون فى الحقول رغم ندرة المال وقتهاوضيق الحال؛ ربما لأن العولمة لم تكن بعد قد نشبت أنيابها فى تلك القرى فكانت قرى بدائية لم يدخلها التلفاز، وكان أغلبهم فلاحين يزرعون فى الصباح ويعودون فى المساء يجتمعون مع بعضهم البعض فلا ينغلق كل شخص على هاتفه غير عابئ بأخيه أو أمه التى معه فى المنزل، لقد اوضحت لى كيف أن العولمة الجديدة غزت بيوتنا من خلال الإنترنت ووسائل التكنولوجيا وبدئت تسوق لك منتجات ربما لو عشت عمرك كله ولم تراها لن يضرك شئ، وكيف تربطها بالمعانى وتجسد المعانى بالأشياء، أعود إلى منبع النور وكلام رب العالمين الذى هو حجة الله على العالمين إلى قيام الساعة ما دام يتلى آناء الليل وأطراف النهار ، فأفهم قوله تعالى (والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ، يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا)

والحمد لله رب العالمين

#منى_مهير

الأربعاء

3أغسسطس2022 ميلاديا

4 محرم 1444هجريا