في الظلام اجد كل الوجود ... في الظلام البعيد والدامس المس الوجوه المتعبة واصافح الايادي الباردة، اتلمس اليأس والابتعاد، والخوف والحذر المفرط .. ووجه الكون الاخر ..

لا يمكنك ايجاد هذا الجزء المخفي بالنظرة الاولى ولا حتى بالعاشرة، إنما تجدهُ عندما تتصافح الارواح وتتلاقى الأنفس دون مقدمات ...

هناك بالظلام تجد حقيقة المرء، مخاوفه ومبتغاه، صخبه وسكونه، حديثه وصمته .. والنظرة العابرة التي قد تستمر لسنوات ليست كافية

لا يوجد ما هو كافي سوى التقاء الانفس ...

كم تبدو الحياة صادقة في الاماكن التي لا يدري بها احد ولا تزال مخبئه تلك التي يصفها البعض بإنها اماكن المعجزات ..

وكذلك بنا نحن البشر، تبدو الحياة اوضح بجوانبهم تلك ولو كانت معتمه، فالعتمه ليست بيت القصيد انما كيف لذلك المرء بأوج ما يكابده ان يجعل ضوءً ما يتسلل الى داخله .. من هذا الضوء ومن هذا المجرى تحديداً نحنُ نلمس الوجود الحقيقي ... ونشعر بحلاوة الايام حقاً

كم اكره الحياة العبثيه .. وكم امقت اللامبالاة المبتذله التي تصل حد اللامبالاة بالانفس ذاتها ...

كم هو مؤسف ومزعج في الآن ذاته ان هنالك احد في هذا الكون وفي هذه اللحظه يشعر ان كلماته لا تسعفه، ويختار الصمت والكتمان، حتى يسرقه الخوف من الكلام بعيداً ويهوي بهِ ببئر من الفراغ الروحي ..

فرقٌ شاسع بين من يتجنب الكلام لانه لا يريده ولا يفضله، وبين من يتجنبه لان كلماته ضاعت واحرفه تلاشت والشعور أصبح كإعصار امام الاحرف التي لا تشكل الا ارضاً قاحلة لا تدنسها الرياح حتى ..

كم تبدو الحياة كعجلة معطلة في هذه الاثناء .. وتصبح ذات ايادي تخدش وتخطف كل من يقف على حافة الزمان ..

لكن وان بدا ان الحياة عجلة معطلة، وان تخيلتها في لحظات مثل تلك مخيفه كعجوزاً شابت على القسوة،

الا انها في نهاية المطاف تنظر لك بعينك انت، تبدو معادلة غريبه لكنها حقيقة واقعه ...

مهما اشتدت وعصفت وهدأت .. فهي ليست عجلة معطله انما عجلة تدور وتدور ولا تتوقف ...

الظلام هو جزءً لا يتجزأ منا، نستطيع منه ابصار من نحن حقاً، ونستطيع منه احكام السيطرة على ذلك الجزء الذي يسرب اليه الضوء باستمرار ..

نحن تجمع هائل بكم لا محدود من المشاعر واساس لإنجازات عظيمه .. لا يمكن لنا ان نحب او نصدق حتى سواء معنا او مع الغير دون ان نصل الى هذا الجزء،، المخفي،، الصادق.