في هذا المنشور الميسَّر أُقَدِّم لَكُم الهَيْكَلَةَ الأصيلة التي اعتمدَ عليها القُدَماءُ في ضَبْطِ حِفْظِهم؛ فالهَيْكَلَةُ ثابتة، أمّا طريقةُ التَّنفيذ فتختلفُ باختلافِ قدرةِ الطّالبِ وظُروفِه.
1- مَرْحَلَةُ تَحْضِيرِ الجَدِيدِ
على الطّالبِ أن يَعُدَّ هذه المرحلة تَمرينًا تطبيقيًّا لما تعلَّمه من محفوظِه القَديم؛من تطبيقِ القواعدِ التَّجويديّة، وتعلُّم نَسَقِ التِّلاوة، والتحكُّم في التَّنفُّس. ويُستحسن أن يقرأ المقدار نَظَرًا مُحَقَّقًا من 5 إلى 10 مرّاتٍ.
2- مَرْحَلَةُ تَصْحِيحِ المَقْرَّرِ
يُرَكِّز الطّالبُ مع أستاذِه تركيزًا شديدًا، فيُدقِّقُ الأخطاء، ويَستوضحُ ما أشكلَ عليه. ويجب أن يتحلّى بِهِمَّةِ طالِبِ العِلْمِ، فيسأل، ويَفهَم، ويُصَوِّرُ الصَّوابَ والخَطَأ ليُحْسِنَ الحِفظَ بعد ذلك.
3- مَرْحَلَةُ الحِفْظِ الأَوَّلِيِّ
بعد التَّصحيح، يَقرأ الطّالبُ المقدارَ كاملًا – وجها أو ثُمنًا أو رُبعًا – نَظَرًا مُحَقَّقًا بالقواعد التي ضبطها مع أستاذه. 20 مرّة تكفي مبدئيا
4- مَرْحَلَةُ تَقْسِيمِ المَقْرَّرِ
حين يُصبح المقدار يجري على لسانه سليماً، يُقسِّمه إلى قسمين أو ثلاثة أو أربعة بحسب قُدرته وظروفه.
5- مَرْحَلَةُ التَّدْقِيقِ مَعَ القِسْمِ المُجَزَّإ
يُخصِّص لكلِّ قسمٍ وقتًا واضحًا، فيبدأ بحفظه:
- قراءة نَظَرًا متواصِلة،
- ثم تكرار بالتدوير 60 مرّة،
- ثم قراءة غيبا 20 مرّة.
وإن كان متفرّغًا حفظ الأقسامَ كلَّها في يومه، وإن كان منشغِلًا فليفرّقها على يومين أو ثلاثة.
6- مَرْحَلَةُ جَمْعِ المَقْرَّرِ (مَرْحَلَةُ الضَّبْطِ)
يجمعُ الأقسامَ كلَّها، فيقرأ المقدارَ كاملًا نَظَرًا 30 مرّة، ثم يُعيده غَيْبًا مع المحافظة على نَسَقِ الوقفِ والابتداءِ ومرتبة التلاوة المناسبة
(ويتجنّب مرتبة الحَدْر).
7- مَرْحَلَةُ التَّسْمِيعِ أو العَرْضِ
وهي معلومة: يَعرِضُ الطّالبُ حفظَه وينتظرُ التقييم.
8- مَرْحَلَةُ المُصَادَقَةِ عَلَى الحِفْظِ
وتكون بأمرين:
- إعادة كتابة ءاخر مقدارٍ حفظهُ اعتمادًا على ءاخر تصحيحٍ للأستاذ.
- أو قراءتُه غيبًا في صلاةٍ، أو أثناء المشي، أو قبل النّوم… ويستمرّ في مراجعتِه إلى أن يُنهي تسميعَ المقرّرِ التالي.
مثال: إنْ حفظتَ اليوم الثُّمُن الأوّل، وغدًا تبدأ بالثاني، فَعَليك أن تُراجع الثُّمُن الأوّل طيلة حفظ الثّاني؛ فإذا عَرَضْتَ الثّاني توقّفتَ عن مراجعة الأوّل… وهكذا تسيرُ الطّريقة بشكلٍ مُترابطٍ قويّ.
وفي الختام أُوصِيكُم:
إنْ تَعِبْتَ اليومَ مع الحِفْظِ… لَنْ تَشْقَى غَدًا معه.
فالهيكلةُ ثابتةٌ، أمّا التنفيذُ فبينكَم يختلفُ، وكلٌّ يعملُ على قَدْرِ طاقته.
وكان أستاذي الأوّل – رَحِمَهُ الله – يقول لنا دائمًا: "لا تقترب مِنِّي حتّى تَقرَأَ الثُّمُنَ أَكْثَرَ مِن مِئَةٍ وخَمْسِينَ مَرَّة!" وكان شديدًا معنا، فصِرْنا نُؤمن بها يقينًا، ونبذل الجهدَ مع كلّ مقدارٍ، والحمدُ لله على فضله.
وتحضرني الأبيات في هذا السياق :
لا تَحسَبِ المَجْدَ تَمْرًا أنتَ آكِلُهُ
لن تَبْلُغَ المَجْدَ حتّى تَلْعَقَ الصَّبِرَا
هذا وأسأل الله لي ولكم التّوفيق والسّداد
التعليقات