هل فكرت خلال سنوات دراستك كيف يتم اختيار المنهج الذي تدرسه وما المعايير التي تتم في إطارها اختيار المحتوى ليتم تدريسه وشرحه لك في مقاعد الدراسة؟

ثمة معايير أرى أنه لا بد لنا أن نراعيها عندما يتم اختيار المحتوى التعليمي، حيث أعتقد أنه كلما كانت العشوائية أقل في طريقة ومعايير اختيار المحتوى، كلما دفعنا ذلك لتخصيص المحتوى أكثر وجعله أكثر فائدة وجدوى.

وقد اقترح "ويلر" عدة معايير لاختيار المحتوى التعليمي، سأناقشها فيما يلي:

  • الصدق

حيث أعتقد أنه من الضروري أن يكون المحتوى التعليمي صادقاً في تحقيقه للأهداف، ويترجمها ترجمة حقيقية، كما عليه أن يواكب المحتوى عصره، حيث أن في ذلك دافعية عالية للطالب أن يتعلم حين يجد نفسه يدرس واقعه، مما يجعل من الضروري موافقة المحتوى لفلسفة المجتمع وثقافته، بعيداً عن تأثره بأنظمة الحكم، لأن تغيير نظام الحكم سيستدعي تغيير المنهاج!

  • الدلالة

حيث أن دلالة المحتوى تعني أهميته، وأرى أنه لا بد أن يمثل المحتوى أساسيات الميدان المعرفي وأن يساعد في حل المشكلات، خصوصاً الواقعية حيث أن التعليم وعلى تعدد فوائده إلا أنه أفضل ما يمكن أن ينتج لنا متعلمين مبدعين وقادرين على حل المشكلات والتفكير في جوهر ما يتعلمونه.

كما لا بد أن يساعد المحتوى في تصغير الفجوة بين ميادين المعرفة المنهجية بين المحتوى المنهجي نفسه ومحتوى المناهج التعليمية الأخرى لأن من المهم ترابط محتويات المناهج التعليمية مع بعضها البعض مما يرسّخها في ذهن المتعلم كما ان لترابط المحتويات فائدة مزج العلوم والنظريات مما يصبح لدى الطالب مستوى تفكير عالي ويصبح ذهنه أكثرا إبداعاً وأكثر قدرة على حل المشكلات.

  • مراعاة خصائص المتعلمين وحاجاتهم وميولهم ومتطلباتهم، ولو كان الأمر بيدي لجعلت من هذا المعيار الركن الأساسي الذي منه تنطلق وتعتمد المعايير الأخرى. لأنني أظن أن المحتوى الذي لا يلبي حاجات المتعلم لا فائدة من تعلمه، والمحتوى الذي لا يراعي ميول المتعلم ومتطلباته الذهنية والنفسية فإنه محتوى جامد ويفتقر للمرونة، وربما يوافقني في هذا الكثير من الموظفين الذين أنهوْا سنوات دراسية في تخصص ما ثم بعد ذلك انتقلوا ليعملوا في مجال شغفهم! يا لتعاسة تلك الفجوة!
  • المنفعة أي أن يشعر المتعلم بفائدة ما يتم تدريسه له كي يعمل على جذبه إلى التعلم وزيادة شغفه في التعليم كما على المحتوى أن يتوافق مع الواقع الاجتماعي ومتطلبات ثقافته لا أن يعتمد ثقافة بلد آخر ويغرسها في نفوس الطلاب؛ لأن تعليم ثقافة بلد ما تعني تكريس الطلاب ذهنياً -وبدون وعي- لخدمة وإفادة ذلك البلد.
  • مراعاة احتياجات الفرد والمجتمع المستقبلية، فربط المحتوى بالغاية هذه، تعمل على تشغيل ذهن المتعلم تلقائياً وبدون وعي أحياناً على تنفيذه لما يسد حاجاته وحاجات المجتمع.

إذا أصبح لدينا ربط بين ما نتعلمه وبين واقعنا فإن المحتوى سيتشكل تلقائياً ليكون أداة قوية للتغلب على مشكلات حياتنا على جميع الأصعدة وفي كل الميادين لأن محتوى ما ندرس هو مستقبل ما سنفكر به وعلينا العناية جداً ونحن نختار لأطفالنا مستقبل حين نختار محتوى ما يدرسون.

مما سبق ربما نستنتج أن المحتوى وسيلة وغاية في آنٍ واحد، حسب علاقته بالهدف منه أو بالنتيجة المرجوة منه وفي كلا الحالتين فهو مهم جداً وسبب رئيسي في نجاح العملية التعليمية من فشلها.

هل تقترح معايير أخرى؟