الشروحات على اليوتيوب في مجال التصميم أكثر من أن تحصى، وهي متنوعة في أغلب المجالات، لكن ما أراه حالياً، هو مثال واقعي لحالة تحتاج إلى رفع الجودة على العدد..

المشكلة

تكمن المشكلة الرئيسية في أن الشارحين لدروس التصميم لا يدرسون احتياجات واهتمامات من يستهدفونهم، بل لا يعرفون من يستهدفون أصلاً، وإن سألتهم، فهم غالباً سيقولون: المصممين، لكن، أي مصممين هم أولائك الذين تتكلم عنهم؟ هل تستهدف المصمم المبتدئ أم المتوسط أم المحترف؟ هل تستهدف الهاوي أم المتخصص؟ هل تستهدف ذوي الوقت الطويل أم القصير؟ هل تستهدف من يحتاجون إلى الأساسيات في الشرح أم الطالبين لمعلومة محددة؟ كما ترى، هنالك عشرات المعايير في الاستهداف، ويوماً بعد يوم، أوقن بأن الاستهداف هو الطريق الذي يمشي عليه التصميم، فإن لم يكن موجود هوى إلى الهلاك ولم يستفد منه أحد.

ما هو الشرح السيء؟

أعلم أن الشرح الذي أشاهده سيء منذ أول عشر ثوانِ تقريباً، فأسمع أشياءً غريبة، مثل أصوات أهل المقدم، أصوات السيارات، صوت زكام المقدم المزعج، ثم يبدأ بالمقدمة، وهي عامل أساسي في نجاح الشرح، فتجده أولاً يعتذر عن زكامه، يعتذر عن الانقطاع، يعتذر عن جودة الصوت، يعتذر من خاله أبو لطفي، ثم ينطلق، وأيما انطلاقة، فينسى في البداية ما أراد شرحه، فيعتذر مرة أخرى، ويقطع التسجيل ليتذكر الشرح، كما ترى مرة أخرى:

التفاصيل الصغيرة تبني لمشاكل كبيرة.

وهذا هو السبب الرئيسي لعدم إكمالي أغلب الشروحات العربية، ونصف الإنجليزية، وانصرافي إلى التعلم الذاتي، والآن، سيبدأ بعض المقدمين بذكر أسبابهم، فيشتكون من قلة الدعم، وعدم توفر الإمكانيات لعمل شروحات مميزة، ومباغتة الزكام لهم -الزكام يصيب كل مقدمي اليوتيوب، كل أسبوعين تقريباً، ولا يقررون إيقاف الإنقطاع إلا حين يأتيهم الزكام-، حسناً، دعني أشرح لك لم أفضل أن لا تشرح شيئاً على أن تشرحه بصورة سيئة، المقدم الذي يطلب الدعم حتى يقدم الجودة، هو إنسان أناني بشكل جنوني، فكيف يطلب القيمة من لا يوفرها؟، الأمر سهل يا صديقي، من يوفر المحتوى، من يوفر الجودة، ومن يوفر القيمة يحصل عليها بأشكال أخرى، قد تكون مادية أو معنوية، لكنه دائماً سيحصل على مقابل، لكن، كيف تشتكي من عدم دعم العرب لك في حين أنك لا تدعمهم أصلاً؟، تريدهم أن يدعموك بالمال وأنت لا تدعمهم بالجودة؟ وصدقني، الجودة لا تحتاج إلى مال، وهنالك عشرات الأمثلة على هذا، تحتاج ببساطة إلى جودة، إلى ذمة، إلى إتقان.

ما هو الشرح الجيد؟

حين أدخل إلى شرح جيد-إنجليزي غالباً-، أعلم ذلك منذ العشر ثواني الأولى غالباً، المقدمة تشرح خلال عشر كلمات كحد أقصى مضمون الدرس، كأن تقول:

مرحباً، انا فلان، وفي هذا الدرس، سنتعلم كيفية تصميم زر تشغيل باستخدام الفوتوشوب.

ثم ينطلق بالدرس، دون تقطعات، أو تأوهات، وبلا ذكر أي أمور خارجة عن الدرس، تتحرك الفأرة بانسيابية نحو الزر المطلوب، ويذكر اسم كل زر يضغطه أو مكان يعلمه، يشرح كل شيء ببساطة، ويقسم الدرس إلى عدة أجزاء تحتوي أفكاراً من الدرس، ثم يختم بعرض النتيجة، وينتهي الدرس، أمر سهل، أليس كذلك؟.

مثال حي

أرى أن قناة Blue Lightning TV هي المثال الحي على الكمال -والكمال لله- في الشروحات، مارتي جيلر يقدم كل اثنين -نعم، تخيل أنه لا ينقطع!- دروساً في الفوتوشوب، وهي دروس تستهدف المبتدئين غالباً ممن يودون تعلم الفوتوشوب أثناء تعلم الدرس، كل درس يبدأ بمقدمة بسيطة وواضحة جداً، مع عنوان سهلِ وواضح، ويقسم الدرس إلى أجزاء، ثم يبدأ بكل جزء بذكر منتوجه، وينتقل إلى الشرح الأساسي، فيقول أسماء الأدوات ونطقها الصحيح-لا يؤشر نحو أداة ويقول: ثم نضغط على هذه الأداة التي نسيت اسمها، أظنه البطول، أو المبتول، اسم غريب-، ويكمل حتى ينتهي، فيعرض الناتج النهائي، وينهي الأمر بتحية قصيرة، انتهى الدرس.

رابط القناة :


الآن، أطمح إلى أن أجد مبادرات عربية أكثر -كأكاديمة حسوب- تتجه نحو مساعدة المتعلمين وأخذهم نحو الطريق الصحيح، عبر بناء شروحات تقدم قيمة ذات جودة عالية، وبالتالي، أضمن للجميع، الدعم المادي والمعنوي المستمر من قبل المهتمين، الأمر ببساطة يتعلق بالقيمة، القيمة فحسب.