لا أحد يعرفك، أنت الذي تشعر بكل إعصار يتنهده الآخرون، وتأبه لكل رفة عين شاخصة، ويقشعر وجودك لكل رعشة يد ممتدة، لا أحد يعرفك، أنت الذي ترى التفاصيل المتناهية في هامشيتها، أنت الذي تعرف لحظة الوجد حين تتفجر في وجه إنسان وتواسي خيبات الأمل في عيون أصحابها، لا أحد يعرفك، وأنت تعيش كل تجربة بكل ذرة في كيانك تسمع الموسيقى المُنفردة التي يعزفها الآخرون في أي غفلة منهم، لا أحد يعرفك، وأنت ترزح تحت ثقل كل إمكانية لم تحدث، وتحن للحظات تتسرب من بين يدين عمرك، لا أحد يعرفك، أنت الذي تجر وعيك جندياً جريحاً تحاول انتشاله بيأس، عبر البحث والفضول والتفسير، لا أحد يعرفك وأنت تفضل السؤال الجريء، وتشمئز من الإجابات الجاهزة وتحب كأنه أول العمر، وتفارق كأنك آخر الناس وتهتم كان على عاتق إهتمامك يقع مصير العالم وتحاول بكل ما تملكه من شعور وجهل وطيبة ) تنقذ الأيام من النسيان، وتنقذ البشر من سطوة اللاشعور، كم هو مهين إدراك أن أحداً على هذه الأرض لم يعرفك كما يجب.