قديمًا قالوا إن الكذي ثلاثة أنواع: «كذب أبيض، وأخر أسود، وأرقام».

كم هي كاذبة مخادعة تلك الأرقام، تحيل الإنسان لرقم أحادس سخيف لا يضيف ولا ينقص، فلا شيء يساوي بين البشر مثل رقم إحمالي في مرجع تاريخي أو تقرير حكومي أو بيان إقتصادي.

الأرقام في حد ذاتها لا يمكن أن تكذب، ولكن الاستخدام الخاطئ والمضلل لها، ووضعها في سياقات مختلفة قد يجعلها كاذبة وغير دقيقة.

ومُنذ أيام، قرر البنك الدولي تمديد الشراكة مع مصر (للفترة من 2015 إلى 2019) لمدة عامين آخرين على أن تنتهي في 2021. مرجعة السبب في ذلك أن برنامج الإصلاحات الاقتصادية قد اظهر نجاح مبكر، وذلك بعد انجاز 77% من مشروع الشراكة!

نعم نجحنا بنسبة 77%، كما أكد هذا البيان على أن النمو الاقتصادي قد انتعش، وتم تضيق العجز المالي والخارجي، وتراجع معدل التضخم، وزادت الاحتياطيات الأجنبية. فضلًا عن ارتفاع مركز مصر على مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال من 131 من بين 189 اقتصادًا عام 2016 إلى 120 من بين 190 اقتصادًا عام 2018.

يبدو خبر جيد بلا جدال، ولكن مهلًا..

دعنا نتأكد من أنه خبر جيد.

بيان البنك الدولي شمل العديد من الأرقام والمعدلات التي لا تكذب ولا تتجمل. حيث أثرت الإصلاحات الاقتصادية على الطبقة الوسطى، التي تواجه بعض تكاليف المعيشة المرتفعة، بعد قرار التعويم وما تبعه من ارتفاع في الأسعار، كما أشار التقرير إلى عدم العدالة في توزيع الدخل.

  • نص تقرير البنك الدولي:

وفيما بعض النقاط التي جاءت بالنص وفقًا لمحتويات التقرير :-

1-ارتفاع نسبة الفقراء والمعرضين للفقر إلي 60% من السكان. بينما ارتفاع عدد فقراء (الفقر المدقع) من 16% من السكان عام 2000 الي 24% من السكان عام 2010 إلي 30% من السكان عام 2015.. ولك أن تتخيل النسبة بعد قرار التعويم، وتضخم الأسعار

3- تتراوح معدلات الفقر من 7% في محافظة بورسعيد إلى 66% في بعض محافظات الصعيد ليكون الأشد فقرًا.. لا جديد، فدائمًا الصعيد مغلوب على أمر، ولكن ما السر القابع بين دروب بورسعيد والذي علينا اكتشافه؟

هكذا جاءت الأرقام كعملة لها وجهين متناقضين... نعم، مبروك، لقد نجحت الجراحة الحرجة نجاح باهر بنسبة 77%، لكن المريض مات.. مات كمدًا!