في بداية مراهقتي تصادف حدث عظيم تمثل باحتلال بلدي و موجة محاربة الارهاب و الموجة المضادة بمحاربة الكفار و الصلبيين

كانت توجهي في تلك اسلاميا و كان بنظري ان تنظيم القاعدة رغم انه متطرف و لكن ذلك امر ليس بالسيء لان لا ضير من التطرف بالحق, و كنت ارى الشيعة خونه و الحرب الاهلية امر جيد لينتصر الحق بغض النظر عن كل شيء(افكار مراهقة)

وقتها لم اكن اعلم ما هي العلمانية و الشيوعية و غيرها, فكل ما نسمعه هو اسلام على عروبة فقط, فنظام صدام رغم انه قومي علماني(بشكل غير مباشر) الا انه منذ هزيمة عام 91 اصبح ينادي بالاسلام و قام بما يسمى بالحملة الايمانية, منع الملاهي الليلية و التشجيع على الحجاب و غيرها

بعد فترة من مشاهدة عمليات القاعدة لم يعجبني الامر و وصلت لقناعة اما هم يشوهون الدين عن عمد او عن جهل, ثم استنتجت ان العلة بالوهابية و هي فكر متطرف صحراوي لم يفهم الدين جيدا, و يجب التحديث و اعمال العقل

في تلك الفترة ايضا قمت باستخدام الانترنت و قراءة التاريخ الاسلامي و ادركت انه مخالف لما كان يلقن سواء بالمدارس او الاعلام الحكومي او بالمسلسلات و الافلام العربية, ثم قرأت عن التاريخ الاوروبي و الثورة الفرنسية و العلمانية و كذلك الشيوعية(اعجبت بها بدرجة ما)

المهم خلال فترة سنتين تقريبا او اقل, تحولت من مراهق اسلامي الى مراهق علماني, تغيرت نظرتي للامور بصورة كبيرة ما كنت اراه جيد اصبح سيء و العكس بالعكس

في تلك الفترة كنت انصح و اروج لأهلي و اقاربي و حتى اصدقائي بتبني العلمانية و ان التوجه نحو الاحزاب و الحركات الاسلامية لن يجلب اي نصر او تقدم بل سيجلب نتائج كارثية خراب و دمار, و لكن لاحقا احتفضت بتلك الاراء لنفسي فقط و بعض الاشخاص خوفا من "النبذ", لان في وقتها تقريبا جميع الناس حولي مناصرين للاسلاميين و الهوس الديني قد بلغ اوجه و اقترانه بالحرب الاهلية بين السنة و الشيعة

كنت على يقين ان تلك الافكار و التوجهات مصيرها الزوال و لكن كنت اتصور ذلك سيكون بالمستقبل بغضون 20-30 سنة و لكن تفاجئت ان ذلك حدث في وقت قصير خصوصا بعد احداث الربيع(في الدول الاخرى) و الاهم بعد مجيء داعش

حاليا التوجه الاسلامي انحسر كثيرا و بشكل دراماتيكي خلال سنوات قليلة, قليل او من النادر ان أجد من يطالب بتطبيق الشريعة و غيرها من الشعارات الاسلامية, شرب الكحول اصبح بشكل علني, الملاحدة كثروا جدا و اصبح بعضهم يصرح بذلك علنا سواء امام اهلهم و مجتمعهم المحلي او بوسائل التواصل, اما العلمانية كفكرة اصبحت امرا يتكرر على مسامعي كثيرا

طبعا لا اقول المجتمع اصبح علماني ليبرالي, بل لازال مجتمعا محافظا بقوة بالقياسات العالمية, و لكن الفرق كبيرا جدا عن قبل عشر سنين فقط!

و ما فاجئني اكثر و لم اتوقع ان يصل لهذا الحد, هو رفض الشيعة عموما و الجنوب خصوصا للاحزاب و الحركات الاسلامية الشيعية فنفس الحال حصل هناك او ربما اكثر مما حصل لدى السنة, و مظاهرات الجنوب الاخيرة خير دليل على ذلك.

كذلك الاحظ هبوط عام و كبير بالاحزاب و الحركات الاسلامية(و التدين) في عموم الدول العربية و الاسلامية, و اظن السبب الرئيس لحدوث هذا التحولات الكبيرة هي احداث الربيع العربي و ما شهدته البلدان من فوضى و التي كان يتصدرها الاسلاميين و ما سبقها من حرب امريكية على يسمى الارهاب (و عموم الحركات الاسلامية) و كذلك عنصر مهم او قد يكون الا و هو الانترنت.