يُنظر لتأخر زواج المرأة كوصمة لا كخيار فتُحاصر بأسئلة جارحة وكأنها سلعة لها تاريخ صلاحية وإن تزوجت تُنتقد لاختيارها وإن تطلقت تُلام على الفشل في كل الحالات هي متهمة مهما فعلت الأصعب أن التهم لا تأتي فقط من المجتمع بل من العائلة نفسها أم تلمّح خالة تسخر وجدة تعاتب فيتحول البيت إلى محكمة والفتاة إلى قضية مؤجلة أعرف صديقتين في الثلاثينات من العمر لم يتزوجن بعد ولم تُتح لهن فرص مهنية لامعة إحداهن تعمل في وظيفة عادية بدوام طويل وراتب بسيط والأخرى تبحث عن عمل منذ شهور لا شهرة ولا استقلال مالي كبير ومع ذلك فإن كل ما يُسأل عنهن هو "لِمَ لم يتزوجن" وكأنهن بلا قيمة إلا إذا ارتبطت كل واحدة برجل هذا الثقل النفسي لا يصنعه المجتمع فقط بل تعيد العائلة نفسها تدويره حتى يصبح الصوت الداخلي للفتاة هو الاتهام ذاته شاركونا تجاربكم وآراءكم
العنوسة ليست تهمة… فلماذا نُحاكَم؟
قد يكون ذلك فعّالًا لإيقافهم..
لكن أليس مزعجًا أن ترى منهم الرغبة في فعل ذلك، ولا يوقفهم إلّا قولهم: عشان ما يزعل علينا..
كنّا أنا وأختي ننبّه باستمرار على موضوع المقاطعة، وإن أوصينا على شراء شيء كنّا نحدد الشركة التي نريدها، فإن لم تكن متوفرة، نلغي فكرة شرائه، ولم تكن العائلة تحرص كما نحرص، كانوا أحيانًا يشترون من مطعم أو شركة ما، ونحن قد أخبرناهم أنها ضمن المقاطعة ألف مرّة ، ويتفاجؤون من تلك المعلومة ألف مرة أيضًا..
مع الوقت صار الأمر يصدر أحيانًا كالسخرية، بشكل غير مباشر، كأن يقول أحدهم: نفسي في المطعم الفلاني (ضمن المقاطعة)، فيقول الآخر : لا هذي مقاطعة كيف تشتري منها! ثم يلتفت لي ويبتسم باستهزاء (يعني شوفيني شاطر) ويقول: صح يا إيثار؟
أو يأتي أحد إليّ يشتكي الآخر مازحًا: إيثار شوفي فلان اشترى هذا! والله هو اللي اشتراه (وينتظر مني تأديبًا أو ردة فعل) ليصنع موقفًا يضحك عليه..
أو يقال: لا تشوفك إيثار، أو لا تزعل إيثار.
هذا مزعج جدًا، ينظرون للأمر كنكتة تثير الضحك (أو هذا ما يظهر من تصرفاتهم)، فليس توقفهم أو منعهم لشراء شيء نابعًا من مبدأ داخلهم، بل هو لهو للضحك وللإتيان بسيرة المقاطعة، وإيثار التي ستغضب إن رأتك تشتري شيئًا ممنوعًا...
ربما كان أقل إزعاجًا أن تفصح عن عدم اقتناعك بالمقاطعة، وتخلّي سبيلي!
التعليقات