إذا أرسلت نظرةً إلى الكون من حولك وما فيه من مخلوقات تجد أشياء كثيرة متباينة، تجد سماء مرفوعة وأرضًا موضوعة، وسراجًا وهاجًا وقمرًا منيرًا، ونهاراً معاشا وليلا لباساً، وشتاءً زمهريرًا وصيفاً قائظًا، وتلالًا مرتفعةً ووديانًا سحيقةً، وأنهارًا عذبةً، وبحارًا أجاجًا، وصحاري رمالًا وجبالًا صخرًا، وحدائق ذات بهجة وأراضي قِفارًا.

حتى في أحوال وصفات بني آدم، تجد الخير والشر ، واليسر والعسر، والصحة والمرض، والفقر والغنى، والنافع والضار، والصالح والفاسد، والطيب والخبيث، وهذه النقطة الأخيرة هي التي أعنيها، وبكتابتي هذه أبغيها.

فقد اقتضت سنة الله في خلقه أن يكون هناك اختلافًا، (سنة الاختلاف).

ففرق بين الطيب والخبيث كما بين السماء والأرض، فأحدهما يحب الخير محمل بالحب، يتمنى لمن عنده خير أن يزيد، فذلك القلب الطيب، والآخر يحب الشر يكاد ينفجر حقدًا وغيظًا على كل خير يراه على أحد، يتمنى لو يزول هذا الخير، فذلك الخبيث، نعوذ بالله منه!.

ففي رحلة الحياة حتمًا نلتقي بأشخاص مختلفين، ونصادف قلوبًا متباينة، فمنهم من يملأ حياتنا نورًا وبهجة، ومنهم من يزرع فينا الظلام والألم، فهم ليسوا سواء، يقول الله تعالى في كتابه العزيز:﴿{قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ..}.

ينبع من ينابيعه الحب والرحمة، يميل إلى الخير ويسعى لنشره، يملأ الدنيا إيجابية وتفاؤلًا، يرى الجمال في كل شيء، يسامح ويصفح، يُقدم العون للآخرين، يُحب الخير للجميع، يبتسم في وجه كل من يلقاه، يُنير دروب الآخرين بنوره، يملأ القلوب بالأمل والسعادة.

على العكس من القلب الخبيث فهو ينبع منه الحقد والضغينة، يميل إلى الشر ويسعى لنشره، يملأ الدنيا سلبية وتشاؤمًا، يرى القبح في كل شيء، يحقد ويحسد، يُؤذي الآخرين، يبغض الخير للجميع، يُقطب في وجه كل من يلقاه، يُظلم دروب الآخرين بظلامه، يملأ القلوب بالخوف والحزن.

تمَنَّ أن تكون مخمومَ القلبِ، كما جاء في الأثر (أفضلُ النَّاسِ كلُّ مخمومِ القلبِ ، صدوق اللِّسانِ ، قالوا ، صدوقُ اللِّسانِ نعرِفُه فما مخمومُ القلبِ ؟ قال التَّقيُّ النَّقيُّ ، لا إثمَ فيه ، ولا بغْيَ ، ولا غِلَّ ، ولا حسَدَ)!.