هل يمكن العثور على هذا؟
تجسدات خيالية لمفاهيم ماورائية
يطُلق على المفاهيم الماورائية في الفلسفة اسم: الميتافيزيقا - وعلى التجسيدات: أقانيم - وبذلك يصبح سؤالك مُصاغ بشكل جيد جداً فلسفياً إن كان أقانيم خيالية لمفاهيم ميتافيزيقية، بالعموم التجسيدات هي تمثيلات تصويرية للأفكار أو المفاهيم المجردة، أي نأتي بفكرة مجرّدة جداً ونحاول أن نعطيها صورة من عالمنا الحالي، هدف هذه الخطوة هو أن تساعدنا هذه التجسيدات على فهم الأفكار المعقدة والتعامل معها من خلال منحها شكلاً ملموساً، فالإنسان يتعامل مع المرئي أفضل من المجرّد في عملية هضمه للأفكار، بالمناسبة هذه كانت لعبة اليونانيين القدماء "الإغريق" حيث كانوا مثلاً يجسدون الزمن في الأساطير اليونانية برجل أطلقوا عليه اسم كرونوس وهو تجسيد للزمن. غالباً ما يتم تصويره على أنه رجل عجوز يحمل منجلاً، مما يمثل مرور الزمن بلا أي رحمة أو تباطؤ، وهناك أيضاً تجسيداً للحب في الأساطير اليونانية،وهو الطفل إيروس، غالباً ما يتم تصويره على أنه شاب جميل يحمل قوساً وسهماً، مما يرمز إلى قوة الحب التي تضربنا بشكل غير متوقع وسريع جداً!
استمتعت كثيرا وأنا أقرأ تعليقك, ولكن لي ملاحظات على ما جاء فيه, ويمكنك أن تصحح لي فلست واثقا تماما, كما إني مسرور بسبب إهتمامك بالفلسفة اليونانية وهي أم كل الفلسفات الغربية. أولا أقانيم هي جمع أقنوم, وهو لفظ مسيحي وإن كان غير مقتصر على الفلسفة المسيحية, ولكني تجاهلته لأنه غير عربي, بينما لو كان ذو أصل مسيحي قبطي لكان أفضل, فاللغة القبطية حسبما يقال هي الأقرب إلى العربية من السريانية التي تنحدر منها الكلمة, لذا أعتقد أن سؤالي مصاغ بشكل جيد طالما اشترطت الحرص على كتابة السؤال وصياغته بالكامل بلغة عربية أصيلة.
أتفق معك أن هذه كانت لعبة أهل اليونان, ولكن سؤالي هنا. يحاول أن يتطرق إلى التجسدات الأكثر عمومية من مختلف الحضارات؛ على سبيل المثال؛ تجسدت الآلهة على هيئات الإنسان والحيوان في مختلف الحضارات, بينما في الحضارة هناك براعة لا يضايها أحد في ابتكار تجسدات لمفاهيم مراوغة مثل الجحيم الذي كان يخشون منه كثيرا؛ فكان هناك تارتاروس وهادس فيما بعد. كرونوس الذي ذكرته أنت ربما تخلط فيه بين كرونوس حامل المنجل ابن جايا وابن أورانوس (الذي يجسد السماء, وكان زيوس هو الآخر تجسيد للسماء والبرق) وبين كرونوس إله الزمن الذي خلق نفسه بنفسه من كاوس؛ أول الألهة في عصر الفوضى (الهيولي). هناك إله آخر مرتبط بالزمن هو أيون وإن كان معني أكثر بالزمن الذي نعرفه نحن, نفس الخلط مثلا بين هادس وبين شارون رسول الموت والجحيم وبين إيريبوس الذي يمثل الموت والظلام, مما يعني أن الإغريق كان لديهم بشكل أو بآخر التصورين البارزين لما وراء الموت؛ عدم أو آخرة. هم الأبرع تقريبا في ابتكار تصورات عديدة للشيء ذاته دلالة على تعقيد أفكار مجردة, مثل الحب؛ إيروس الذي ذكرته أنت هو إله الرغبة, وتحديدا ربما يكون هو إله الرغبات الغير تقليدية والمحرمة والأكثر مجونا, ومنه جاءت الإيروسية التي تعطي صلاحيات غير محدودة للإنسان الغربي فيما ينبغي أن يفعل وما لا ينبغي فعله (تقريبا لا يوجد شيء لا ينبغي فعله بدئا من الزواج الغير رسمي, مرورا بالمثلية وصولا إلى مضاجعة الأطفال). هناك كيوبيد وهو تقريبا إله الحب العذري أو ربما هو فقط معادل إيروس بشكل أو بآخر قبل أن يستولي أفلاطون لاحقا على مفهوم الحب العذري الذي تحول إلى حب أفلاطوني. ثم هناك الحسناء فينوس أو أفروديت, والتي جمعت الثلاثة فكانت ربة للحب والجنس والجمال.
بالفعل الكلمة مشتقة من اللغة السريانية حيث لا يوجد نظير مباشر لها في اللغة العربية وهي كلمة قد تحمل عدة معاني منها، شخص، أو طبيعة أو ذات. وفي نقاشي عن الموت كنت أقصد تماماً كرونوس ابن غايا الأصغر تماماً الذي يُصوّر على أنه عحوز أسوء يحمل منجلاً، صوره مخيفة ولم أكن أعرف أبداً بأن هناك معادلاً لهذا الاسم.
بالمناسبة أذكر أن كيوبيد أيضاً بقوس وسهم، هذا التشابه غريب أيضاً بينه وبين أيروس.
التعليقات