يبدو العنوان وكأنه قلة أدب أليس كذلك؟ للأمانة قرأتُ هذه الجملة في كتاب ما ونسيته، وقد استيقظت صباح اليوم وأنا أفكّر أين؟ أين يا دليلة تذكري، لكنني لم أفلح ولعلّها بوادر الخرف المبكّر…

ماركيز، حكّاءٌ من طراز رفيع وكاتبُ الواقعية السحرية التي تميز بها في كتاباته ولاسيما روايته الشهيرة مئة عام من العزلة التي تروي تاريخ كولومبيا في قالب سحري ساحر وفريد، نال بها جائزة نوبل للآداب.

وبالنظر إلى محيط ماركيز فإننا لا نستغرب من كونه حكّاءً فريدًا، لأنه نشأ على الحكايات والأساطير التي كان يرويها له جدّه حتى أنّه قال: 

"ليست الذكرى الأكثر ديمومة وحيوية عندي هي ذكرى الناس، بل هي ذكرى البيت الحقيقي في آراكاتاكا الذي عشت فيه مع الجدين". 

تناولت في المساهمة السابقة، أهمية وصول الكاتب لجميع حواس القارئ، لكن اليوم نتناول كيف يتجاوز الكاتب حواسّ القارئ ويجعله يصدّق حتى الخرافات؟

لا أعني أن يتحايل عليه أو أن يستغفله، لكننا جميعًا نحفظ أبطال تلك القصص الخرافية والأسطورية منذ الصغر مثل: أليس، وبينوكيو، علاء الدين وشارلوك هولمز والكثير… حتى أننا لا نحفظ أسماء كتابها، لكنها أصبحت أيقونات في واقعنا على مرّ العصور، لم تكن لتحقق كل ذلك لولا أنها كانت قابلة للتصديق وتتناول الواقع في قالب خيالي.

لنعد إلى بطلنا ماركيز، الذي وُصف بالكذب في طفولته من طرف والده حين رسب في دراسته وأقبل على الكتابة، فدافع عنه أصدقاءه أمام والده بأنه سيكون روائيًا فذًا فقال لهم:

 "إنه قصّاص، حسنا، طالما كان كذّابا منذ طفولته"

وبالعودة إلى طفولة ماركيز ونشأته على القصص والحكايا، وشبابه الذي قضاه في الصحافة الذي طوّر لغته وأسلوبه في الوصف ليصل حدّ التصديق رغم أنها خرافات وأساطير من أزمنة غابرة، ومزجها بالخيال في قالب واقعي كما يقول ماركيز أيضًا:

 "الخيال هو في تهيئة الواقع ليصبح فنا"

أي أنّ البيئة هي التي تصنع الكاتب وتجعله مميزًا بأسلوب مختلف كما تميّز ماركيز.

والآن ما رأيكم في الواقعية السحرية التي يتبنّاها ماركيز في رواياته؟ وبماذا تنصجون كل كاتب يسعى لكتابة كل ما هو قابل للتصديق حتى وإن كان من وحي الخيال؟