بين سرعة التقنية و جهد المدقق ....من ينجح بكفاءة في التدقيق اللغوي؟

بدافع خبرتي عن المواضيع التقنية وجدت العديد من الناس يؤمنون بالآلة أكثر من البشر ويرون الأخطاء الآلية مما يمكن إصلاحها ولكن الخطأ البشري موجود على الدوام. وهذا قد يصدق أحيانًا ويغيب أحيانًا أخرى.

بشكل شخصي أتابع تقنيات التدقيق مثل Grammarly لأرى مدى تطورها وكفائتها ولكن لا غنى عن المدقق المحترف فهو مُعلم هذه الآلة كيف تقوم بوظفيتها. كما أن بعض التفاصيل المعقدة والحس الابداعي لم يصل لتلك الآلة بعد.

يوجد أيضًا برامج تقوم بتصاميم احترافية ولكن لا غنى عن المصمم وإبداعه وكذلك الأمر بالنسبة للكتابة والتدقيق. قد يفضل الناس البرامج لأنها أقل ثمنًا على المدى البعيد حتى لو حصلوا على جودة أقل لكن من يهمه أن يصل نصه سليمًا عليه دائمًا أن يبحث عن الأدق والأفضل.

حتى في عالم التقنيات ذاته بعض الأخطاء البرمجية قد تكتشفها الآلة ولكن لا غنى عن شخص يبحث ويتصيد هذه الأخطاء ويمسى بالtester. لا أعتقد بشكل شخصي أن الآلة ستسبدل المدقق البشري عما قريب ولكن من يعلم قد يأتي هذا اليوم يومًا!

اعتقد ان الشيء الوحيد الذي قد يدفع الكاتب للجوء لهذه المواقع هو الدفع المادي فقط لا غير، فالكاتب الذي بات مثقلا بالأعباء المالية الكثيرة بسبب ارتفاع أسعار كل عناصر الطباعة من أوراق ومطابع وإخراج فني للكتاب، فضلا عن دور النشر وما باتت تطلبه من نفقات عاليه من أجل نشر الكتاب وتوزيعه واعطاءه رقم إيداع، كل هذا قد جعل من عملية نشر الكتب او الروايات حملا بالغا يقع على عاتق الكاتب فقط ومن ثم فإن جل ما يشغله الآن هو كيفية توفير بعض هذه النفقات من أجل الاستمرارية، ودوام التواجد في المناسبات الثقافية المختلفة او على الساحة الثقافية بشكل عام، خاصة في ظل التضخم الاقتصادي الذي صار يعاني منه الجميع، ويشكل بعدا صعبا في معادلة الحياة اليوم .

فالكاتب شأنه شأن غيره من البشر، يشغله في المقام الأول توفير الاحتياجات الأولية للمعيشة له ولذويه، ومن ثم فإن توفير أي نفقات قد تكون غير ضرورية، هو من أهم الأشياء التي يجب أن يراعيها في الوقت الحالي .

فيما عدا ذلك لا أجد لأي كاتب او مؤلف سببا للجوء لهذه المواقع من أجل التدقيق الإملائي واللغوي لعمله الأدبي.

التدقيق اللغوي علم وفنّ وذوق يا عفيفة، ومن يتقن هذا كله لا شك لديه صولاتٌ وجولاتٌ في كتب اللغة والمجاز، البلاغة والإعجاز...، وكلما كان الاطلاع والقراءة في كتب الأوائل والصعود والارتقاء إلى مدارجهم وبلاغتهم، أمثال الجاحظ، والرافعي، والمنفلوطي وغيرهم...

كان ذلك أفضل وأشمل لممارسة مهمة التدقيق.

وأرى أن اللجوء للآلة من أجل التدقيق وخاصة في اللغة العربية، هو سبب مادي وأيضا جهل باللغة العربية ونقص في الغيرة عليها، لاشك أن من يدرك جمال اللغة، يسلّم نصه لأنامل مبدعة ذوّاقة، لتخرج في حلّة بهيّة ولكن لاضير من اعتماد الآلة لكن بشرط التدقيق بعدها، وعدم الإعتماد عليها.