لا شك أنّ الكتابة العلاجية تعدُ  نوعًا من أنواع العلاج النّفسي، طوّرها عالم النّفس الأمريكي إيرا بروغوف في ستينات القرن الماضي، وهي عبارة عن بَوح للورق، وفضفضة للبياض كأنّ المرء يلوّن الصفحات البيضاء بهمومه السوداء، ويُفرغُ كلّ ما يثقل صدره وتُصبح الورقة طبيبًا نفسيًا يُنصتُ دون أحكام، ويحتفظ بسريّة الحديث…

 قد نتساءل عن أهمية هذه الكتابة! بلا شك يُعتمدّ عليها في تخفيف الحزن، تجاوز الكآبة والضغوط النفسية، وكتابة ما يصعب قوله وفيها عدة أنواع مثل: كتابة الهموم في شكل قصص، جمل قصيرة وغير مرتبة، كتابة رسائل وغيرها…

والذي يثير دهشتي تجاهها، أنها تعود بالنّفع على أصحابها بشكل خاص، من حيث أنّها تشفيهم وتعالج وحدتهم، تحسّن نفسياتهم وأيضا تحسّن لغتهم وقد تكون البداية في رحلة عشق القلم والحرف، والكثيرون بدأوا مشوار التأليف والأدب من خلال الكتابة العلاجية، سواء بعلم أو بدون علم.

عالم النّفس الأمريكي الشهير جيمس بيكر سنة 1986، قام بتطبيق الكتابة العلاجية على طلّابه، بصفته مبتكر هذا العلاج المُلهم، وقد طلب منهم الكتابة يوميًا عن أقسى الصّدمات التي تعرّضوا لها لمدة ربع ساعة، و قد لاحظ بعد ستة أشهر تحسّنًا ملحوظًا على صحّتهم النّفسية والبدنية وإنتاجيتهم.

يمكن للكتابة العلاجية أن تكون اضافة ولمسة خاصة في إثراء المحتوى، حيث أنّ أغلب من يستمرّون في الكتابة لأجل التشافي قد ينتهي بهم المطاف إلى دخول عالم التأليف، وإنتاج كمّ هائل من الإبداع و الإلهام.

يمكننا ضرب المثال بكتاب الشيخ والعلّامة ابن الجوزي "صيد الخاطر" الذي كان عبارة عن خواطر متفرقة وأفكار تراود صاحبها وتجارب شخصية، واستلهام بعض الدروس من حياة الآخرين، قرّر كتابتها ليريحَ فِكره، ويخفّف ضجيج عقله، فانتضمت في عقدٍ فريد كان إضافةً تخدم المحتوى العربي إلى الآن، 

ويمكن أيضا أن نعتبر كتابات ورسائل صادق الرافعي، التي كتبها ليخفّف من لهيب حبّه لمي زيادة، ويريح قلبه من مشاعر الشوق والحنين التي كانت تكسر عظام صدره، حتى خرج لنا بسلسلة رسائل خاصة (رسائل الأحزان، أوراق الورد، و السحاب الأحمر).

ما رأيكم في الكتابة العلاجية، وهل يمكن اعتبارها اضافة لإثراء المحتوى؟