عندما تنظر إلى حجم الغربة التي أصبحت فيها ، وأن هناك عدد كبير ينتقدك و يرى أنك ألقيت نفسك إلى التهلكة بدون فائدة أو تغيير ملموس ، أنك أصبحت مجرد رقم آخر يضاف في سجلات المعتقلين والمختفين و ضحايا النظام الذي يستقر وينتفش على أشلاء الضعفاء و المتهورين أمثالك و يجعلكم عبرة لباقي الشعب و الشعوب الأخرى؛
لكي لا يجرأ أحد أن يفكر -مجرد تفكير- في اللعب مع الحكومات أو التفكير خارج الصندوق أو حتى داخل الصندوق بدون تصريح وإذن مسبق !
يمكن أن نطلق على ما سبق أنه مثال لـ (ضغط الواقع)
الذي يكتم أنفاسك فتستلم له و تتراجع عن كل شئ أعتقدته ولم تعتقده ، فقط تريد أن تستمتع بالدنيا وتفرح قليلا بالفتات قبل أن تموت؛ نعم لقد كنت تستقبح مثل هذه الحياة من قبل وتطلق عليها أنها مثل حياة الحيوانات ، الآن تريد أن تظفر بشهواتها ولذاتها وتعيش من أجل ذلك ، مع قليل من متابعة وفعل بعض ما خُلقت من أجله وفق حدود ما سُمح لك من قبل الحكومة لكي تُرضي الباقي من أشلاء ضميرك وتسكته لكي لا ترى الحقيقة ؛
- أنا أدعم القضية الفلسطينية - لا بأس بذلك فرغوا طاقتكم يا غثاء السيل طالما لم يتعدى الأمر منشور على تويتر لدعم فلسطين ، و سننكل بك أيها الساذج إن شاهدنا هذا المنشور ينتشر و اكتشفنا أن ضميرك ما زال ينبض !
...
على العموم لقد اُعتقلت في النهاية وإن كانت الظروف مختلفة قليلا ؛ تهمتي أني حاولت إصلاح نفسي و تعلم أمر ديني و الوعي بحقيقة الصراع بين الحق والباطل و في صف من أكون وأدافع وأوالي من ؟ و أعادي و ابرأ من ؟ هذه غاية الخلق و لوازم عبوديتك لله الذي خلقك و لم يجعل لك حق أن تعبده على هواك أو هوى أحد من خلقه، لأنه العزيز الحكيم الذي يعرف ما هو المناسب لعبيده ، حاشاه أن يظلمنا أو يكون هناك طرق مخالفة مناسبة لنا بل كل طريق غيره باطل ومهلك في الدنيا والاخرة ان تدبرت وعقلت ! ، اتباع خالقك هو الخير المطلق حتى ولو تناثرت اشلاءك و سالت دماءك و اعتقلت لسنين و مورس عليك أصناف العذاب من مختلين الأمن الوطني .
ولكن الفتنة والتمحيص سنة الله في عباده ، مع الحرمان الشديد من أبسط أمور الدنيا قد تصل بجلوسك وحيدا في زنزانة ضيقة بدون حمام ولا ماء ولا ملابس ولا تواصل مع أهلك ولا يوجد مصحف ولا طعام ولا ماء إلا الذي سيجعلك على قيد الحياة لتتألم أكثر وأكثر ، تم تجريدك من كل شئ في هذه الحياة ، حرمان لأقصى درجة .
دعني أقول لك أن الاختبار الحقيقي ليس في هذا الموقف الصعب ! ، بل بعدها عندما تفتح الدنيا عليك بعد حرمان طويل و ألم شديد .
لقد فتحت لي الدنيا بداخل السجن أكثر من مرة و أغلقت تماما أكثر من مرة ، و لن أكذب عليك أحيانا كنت أخرج من الأزمة أقوى وأصلب ، وأحيانا أفتن من شدة الحرمان -وهذا ليس بمبرر- و أحاول أن أستمتع بكل شئ حرمت منه وهو بالنسبة لشخص غير مسجون فتات قليل
يتبع ..