اذا كنت سورياً في سوريا 2000-2010 تلك الحقبة التي يركض الجميع الى تلميعها وتلوينها بالوان براقة (لن نخوض حاليا في غمار الحديث هذا) ستكون واعيا لمقولة "الانترنت رفاهية وبس المرتاح عندو نت" .

اذ اعتبر الانترنت في سوريا دونما عن كل العالم -طبعا خالف تعرف- رفاهية و وسيلة تسلية ثانوية غير مفيدة فقط لاغير

فحصلت البنية التحتية الخاصة بالانترنت السوري على مرتبة اعلى بقليل من قطعة الرخام التي توضع امام باب المطبخ كي لا تدخل الماء للداخل ولتفصل المطبخ عن باقي البيت

فلماذا قد يحتاج السوريون ان يمتلكوا وسيلة رفاهية وهم لديهم السورية الاولى والثانية والسورية دراما التي تعرض مسلسلات أكاد اجزم ان ممثليها قاموا بأداء الاأدوار تحت تهديد السلاح, اول السورية الفضائية

فقد كانو بالنسبة للجهات المختصة حينها اكثر خلق الله رفاهية وكفاكم مزحا لا مستقبل للانترنت اساسا المجد للتعامل الشخصي فكيف يمكنك العمل عن بعد مع شخص لم تره؟

  (هنا تعلو عبارة :شو حدا بصيد سمك بالمي")

وبالانتقال السريع (كأفلام الخيال العلمي التي تعرض على الفضائية في الثامنة مساء) الى عامنا هذا

2021 ...

بعد عقد من الحرب التي مزقت وصال الدولة السورية وارجعتها الى حقبة ماقبل باب الحارة (حينها كان شجرة لم تقطع بعد لصنع الباب) نر الشعب السوري وبعد ماوصل فيه نسبة الفقر الى ارقام تعادل مستويات محو الامية في بلدان العالم الأول, أتمنى لو أنها كانت مزحة ثقيلة لكن معدل محو الأمية بالولايات المتحدة الأميركية هو 86% وهو يقارب رقم مستوى الفقر بالنسبة لعدد السكان في سوريا 83%)

بدأ يبحث عن قوت يومه بشتى الطرق وهنا يأتي بطلنا الأنترنت...

اذ اتضح أن الرفاهية و وسيلة إضاعة الوقت لم تكن هكذا إلا في أعين من يسيء إستخدامها احم.الشعب السوري.احم فـ بطريقة ما وصلت إلى شعبنا ثقافة المتاجر الإلكترونية التي أصبحت بعددها تضاهي عدد المتسوقين فاليوم إذا احتجت لنفرض ساعة ستجد أكثر من 3 مليون متجر إلكتروني لبيع الساعات والمدهش في الموضوع أنها كلها تبيع نفس الساعات (وأحيانا تسرق صور العرض من بعضها البعض ) التي أساسا هي موجودة على إحدى بسطات (العربة المتجولة) حي القيمرية الدمشقي العريق (لنا تدوينة أخرى بقضية هذ الحي) وهكذا بعد فترة اكتشف الشعب العزيز أن التنفاسية تقوم على عرض كلٍ لمنتجه الخاص وليس لعرض جميع الأشخاص لنفس المنتج وكأنه لوحة الموناليزاالتي لا مثيل لها!

فانتقل الشعب بعد ذلك لمحاولة ايجاد مصدر مرموق للدخل وبسب انهيار الليرة السورية أصبح سعر فنجان كابوتشينو فرابوتشينو والعديد من التشينوات الأخرى يعادل دخل الأسرة السورية خلال شهر كامل! الأمر الذي جعل الشباب تحديداً يتحمس لإيجاد عمل على الإنترنت, عمل لايقبل أن يقوم به أي أحد مقيم في خارج حدود جنة الله على الأرض (لقب سوريا في قناة السورية الأولى)

طبعاً انتبهت الحكومة السورية للحربقة الشعبية التي يقوم بها ابناء الشعب (حربقة هي كلمة شامية تعني الحربقة! لا معنى لها سوى الحربقة ألم تتابعو باب الحارة في حياتكم؟ والله لنعمل 10 أجزاء كمان خلص) فقامت بتحديد باقات الانترنت السوري الذي كان غير محدود بالكمية لكن تعيس بالسرعة بحجة أن التحديد هذا سيزيد السرعة بشكلٍ ملحوظ جداً وفعلاً سبحان الله أصبح الانترنت محدود بالكمية وعديم السرعة (اختبارات صبرٍ مدروسة للغاية تهدف لتهذيب النفس) فلتابة هذا المقال احتجت للتحديق بشاشة اللابتوب حوالي العشر دقائق ليحمل موقع آخر غير موقع حسوب فاضطررت لتحمل عشر دقائق أخرى لأصل إلى هنا وها انا اتخيل الطامة الكبرى أن يحذف الموقع مقالي لأنه مجرد تدوين ليس فيه من الفائدة إلا ما ندر.

نكمل بالجزء القادم ان شاء الله وان شاءت باقة الانترنت ولم تنته على غفلة.