موضوع محذوف
[محذوف]
إنها يا عزيزي قلة الذخيرة اللغوية للكاتب واستسهاله للكتابة بالعامية فيخرج بكتاب لا يقتنيه إلا القلة القليلة ويبقى سجين الرفوف تحاصره الغُبار.
اللهجة العامية أقرب إلى قلب وجيب القارئ العربي .. لغة سهلة النطق و الفهم بالنسبة له .. سهلة في الكتابة لا تحتاج أي مجهود بالنسبة للكاتب .. ولهذا هي سياسة مربحة لدور النشر " كتب تجارية" ...
أما من الجانب الأدبي" الأكاديمي" البحت فهي "عملية قتل" لهذا الفن ...
شخصيا لا أجد بديلا عن الكتابة باللغة العربية الفصحى .. أساس ثابت لا يمكن المساس به .. قد تستخدم العامية كأسلوب حوار بين الشخصيات في جنس الرواية مثلا ... أو قد تستخدم في حدود عبارة أو جملة لإيصال فكرة ما ... أما أن يكون كامل الكتاب باللهجة العامية فهذا إعتداء على المفهوم العام للأدب..
أعتقد أن السبب هو أن الناس أصبحت معتادة على قراءة المواضيع بالعامية بسبب مواقع التواصل الاجتماعي ؛ وبالتالي لم يعد هنا استهجان للأمر، إذ لو كان الجمهور سيرفض قراءة الكتاب لبادر المؤلف بالاستعانة بمن يحوله للغة عربية فصحى سلسلة وعذبة إن لم يستطع هو بنفسه.
شخصيا لا يمكن أن أقرأ كتاب بالعامية حتى لو كنت أجيدها، وأحد الكتب لم اشتره لأنني وجدته بالعامية ولم يكفل المؤلف خاطره ليلبس اللفظ العامي ثوب الفصيح أو حتى يستعمل ألفاظ عامية راقية.
أهي لضعف اللغة عنده أم عند القارئ؟ أم أن القارئ يفضل اللهجة العامية على الفصحى؟ أم أن الفصحى اقتصرت على المقالات والأبحاث فقط على سبيل المثال؟
إجابة مبدئية : السبب هو ضعف في اللغة الفصحى ونحويتها والتعامل مع أساليبها.
فالآن أغلب من يكتبون كتب بالعامية لديهم قصر كبير في النحو ، وضعف مع الأساليب العربية الفصيحة فلا يستطيعوا التعبير بقوة بغير العامية التي هي في يوميتهم.
نقطة أخرى : من يكتب باللهجة العامية ( حسب ما رأيت وما لاحظت ) هم من فئة الشباب ( 17 إلى 26 عام ) وهم من روّاد السوشيال ميديا طالبي الشهرة دون تقديم محتوى مثمر ، فيريد أن يكون مشهور دون أن يقدم ما هو على مستوى ، فمثلًا يريد أن يكون كاتب ، وهو ضعيف في اللغة العربية ونحوها وصرفها ، فيلجأ للعامية ، بالنسبة في ليبيا منتشرين هؤلاء.
كلام صحيح وأتفق معكِ.. ولكن لا أقصد أن نترك كل الكتب التي كتبت بالعامية.. ما أعنيه أن كثير من الكتاب استسهلوا الكتابة بالعامية واتبعهم القراء، فانحدرت الفصحى.
فلا مانع من قراءة الكتب التي كتبت بالعامية مع إجادة القراءة بالفصحى.. فالأولى هو إتقان الفصحى ثم تأتي من بعدها العامية.. فتلك الفصحى هي السر في تقدم الشعوب والتواصل بينهم، أما العامية فتقتصر على بلد معين، قد لا تفهمين بعض الكلمات التي كتبت بالعامية المصرية على سبيل المثال.. هذا ما أعنيه.
لا أرجح أن يكون السبب ضعف الكاتب بل أظن أن السبب الأكبر هو ضعف العوام، شخصيا لا ظنني سأقرأ كتابا بالعامية إلا إن كان المحتوى حقا يستحق. أجد صعوبة في القراءة بالدارجة وأراها مزعجة.
لا أعتبر انتشار هذا النوع من الكتب مشكلة بحد ذاته وإنما أراها طريقة لتقريب المعرفة من العوام، ولكنها في نفس الوقت من آثار مشكلة أخرى وهي تدني اللغة لدى العوام.
هناك ظاهرة أخرى هي خلط الدارجة بالفصحى في الروايات خاصة في الروايات، وأراها أسلوبا جميلا ليتمكن القارئ من الإندماج بالرواية بشكل أحسن.
لا أطيق القراءة بالعامية، ولكن ...
حينما يتعلق الأمر بالرواية فإن هدف الكاتب الأساسي هو نجاح التواصل المتبادل بين الكاتب والقاريء، ولذلك فهدف مثل تمنية لغة القاريء ليس من أولويات ولا أهداف كاتب الرواية. بشكل مماثل، لماذا لا تتم كتابة الأفلام باللغة العربية؟ لأن اللغة العامية هي الأقرب للمتلقي، فأذن المشاهد لا تعتاد سماع العربية الفصحى.
هذا فضلاً عن أن معرفة اللغة العربية الفصحى ليست منتشرة بين العامة، وحتى من بينهم كتاب الرواية العامية.
اسمح لي أن أختلف معك في نقطة وهي " فإن هدف الكاتب الأساسي هو نجاح التواصل المتبادل بين الكاتب والقاريء، ولذلك فهدف مثل تمنية لغة القاريء ليس من أولويات ولا أهداف كاتب الرواية."
فالبضبط كأنك تقول لا يهم طعم الطعام حلو كان مذاقه أم سيئ، المهم هنا أن يؤدي وظيفته وهي "الشبع"!
نجاح التواصل يقتضى بالضرورة استمتاع المتلقي.
والأذواق تختف، هناك أصدقاء لي مهما شرحت لهم احساسي وشغفي بجمال اللغة لن يصل لهم هذا الشعور إطلاقاً، في حين أن لديهم نفس الشغف تقريباً لقراءة الروايات بشكل عام، وعلى الأغلب تكون عامية.
ما عنيته هو أن رغبة الكاتب في تنمية معرفة القاريء بالفصحى ليس له علاقة بجمال أسلوب القاريء من عدمه في المجمل، وإنما فقط أغلب الكتاب لا يهمهم استهداف القاريء المحب للأدب العربي على وجه الخصوص.
حسنا، أتفق معك.. ولكن من رأيي أن يتم المزج بين الفصحى والعامية في الروايات مثلا ليستسيغ القارئ الفصحى ومع التعود يتقن فهمها.. ومن دور الكاتب أيضا أن يعلم اللغة العربية الصحيحة بشكل غير مباشر، مثله كمثل المعلم، لا يقتصر دوره على التعليم فقط، بل أيضا غرس الأخلاق والقيم في نفوس طلابه..
ولكن من رأيي أن يتم المزج بين الفصحى والعامية في الروايات.
بعض كتاب الروايات يفعلون ذلك.
ومن دور الكاتب أيضا أن يعلم اللغة العربية الصحيحة.
هذه قد تكون مهمة اللغويين، أو كتب تعليم اللغة، ولكنها ليست دور كتاب الرواية، حتى الأدب العربي ليس مهمته تعليم اللغة، وإن كانت قراءة الأدب من أفضل الطرق لتعلمها، ولكنها ليست من وظائف الرواية بأية حال.
الأمر أشبه على سبيل المثال بتعلم اللغة الإنجليزية من الأفلام، كتاب السيناريو ليس من وظيفتهم اختيار أساليب لغوية معينة لأجل من يريد تعلم اللغة. فحتى وإن كان تعلم اللغة عن طريق الأفلام هي أفضل الطرق، فإن دور السيناريو الأساسي والأهم هو سرد القصة والحوار بما يتطلبه الأمر من تنوع في الأسلوب كاللغة، ينطبق الأمر نفسه على الرواية.
أرى أن كتابة الكتب باللهجة العامية ليس بالأمر الجيد، ولكن مع إتقان أستعمال اللهجة العامية أرى أن الكتاب سيصبح جيدًا وناجحًا.
كمثال على كلامي.. رواية "أرض زيكولا" التي أستعمل فيها الكاتب اللغة العربية الفصحى مع اللهجة المصرية، وبصراحة أعجبتني تلك الطريقة في السرد.
لستُ مع أو ضد الكتب المكتوبة باللهجة العامية، فلكل كاتب وطريقته المفضلة والمريحة بالنسبة له فلا يجب أن ننتقد طريقته في الكتابة.
التعليقات