مقدمة سخيفة لابد منها

ربما قدر هؤلاء الذين يبدأون مشوارهم مع المؤسسة العربية الحديثة للنشر أنه دائما وأبدا سيتم مقارنتهم بعمالقة المؤسسة أو للدقة قل: عملاقي المؤسسة وصانعي شهرتها. ربما لأنه لن يقرأ أحد كتبهم إلا من تعود علي كتب المؤسسة منذ صغره. وربما لأن قدرهم أن أغلب قارئي هذا الجيل كانت سلاسل المؤسسة هي وجبتهم الأساسية التي ارتبطت بفترة الطفولة أو قل المراهقة أو بداية الشباب أو سمها كما تشاء.

أين المشكلة؟

المشكلة أن روايات الجيب كبيرة الحجم غزيرة المعلومات رخيصة الثمن صارت فكرة من الماضي حتى لو أضاف الناشر للعناوين كلمة: مشروع القرن الثقافي.

الحديث هنا ليس عن الاسعار التي صارت مبالغا في امرها في الآونة الأخيرة ولكن الحديث عن أشياء اخرى حتما.

عملاقي المؤسسة اتجهوا للنشر خارجها حين أرادوا انتشارا أوسع،أحدهم أفلس وظل يكرر نفسه حتى اختفى تلقائيا والآخر أبدع وتألق وأجاد وربما وصل لشريحة لم يكن يحلم بأن يصل لها عبر إصدارات الجيب التي تصدرها المؤسسة.

بل وأظن أن الضجة المثارة مؤخرا حول نهاية سلسلة ما وراء الطبيعة كانت باعث أكبر لإعادة إحياء السلسلة مرة أخري لدي الكثيرين ليعرفوا حكاية العجوز الذي بكي لفراقه الكثيرين.

كان من الذكاء الخروج من عباءة المؤسسة؛الشريحة العمرية التي كانت تقدم لها تلك السلاسل قد تقدم بها العمر لدرجة أصبح لا يصلح معها خطاب أو أفكار السلاسل. التطور التكنولوجي والمعلوماتي وحالة الانفتاح الثقافي الموجودة في مصر وسوق النشر تغيرت قواعده,وتغيرت الظروف منذ ثمانينات القرن الماضي حتي وصلنا للألفية الجديدة بكل ما فيها ومن فيها,حيث صار الانترنت في يد كل مواطن في كل لحظة وفي أي لحظة. هذه الأسباب وغيرها أدت لنتيجة واحدة مفادها أن المؤسسة أصبحت مقبرة للأفكار الجديدة

ربما كانت ولا تزال ذكرى رائعة لطفولة أو مراهقة كل منا ولكن الأمر يستحيل تكراره مع الجيل الجديد.

لماذا هذه المقدمة؟

إذا كانت أساطير المؤسسة تركوها لعلمهم بما آلت إليه الأمور,فما بالك بمن يحاول أن يدخلها ليكرر قصة نجاح أو انتشار ربما كانت تصلح في الثمانينيات أوالتسعينيات ولكنها بشهادة الكثيرين صارت مستحيلة هذه الأيام؟.

أغلب السلاسل الجديدة لا يعول عليها علي الإطلاق أو ربما هي طفولية بدرجة كافية تجعلها تفشل حتى في الوصول لأطفال أو مراهقي هذه الأيام وهي من الضعف بحيث لا أظنها ستعيش أكتر من عدة سنوات قادمة وحسب قبل أن يطويها النسيان.

ينتشر في الغرب هذه الأيام فكرة سلاسل الكتب التي تبلغ شهرتها الآفاق وقد تتحول لأفلام سينمائية ولكن شتان الفارق بين سلاسل ملك الخواتم وألعاب الجوع وهاري بوتر والشفق والجامحة والهوبيت وغيرها وبين سلاسل المؤسسة المحلية جدا.

أما عن القصة

ربما علم المؤلف أنه حتما وسيكون هناك ذلك القارئ الذي يقارنه بخالد توفيق أو بعميل المخابرات القذر نبيل فاروق فاختصر المسافة ونحت الأول بكل تفاصيله دون أن يترك أحدها وهو في هذا لا يدل علي ذكاء أو حرفية بقدر ما يدل علي أنه قارئ جيد لأعمال أحمد خالد توفيق وربما لو مسحت الاسم ووضعت صفحتين في مقدمة الكتاب ومثلهما في نهايته يقول فيهم رفعت إسماعيل أن هذا واحد من الخطابات الموجهة إليه لأمكن بكل أريحية إضافة القصة لأحد أعداد ما وراء الطبيعة للعجوز رفعت إسماعيل.

ستجد هنا أحمد خال توفيق

أسلوبه الساخر

فكرته الغامضة التي لن يشرحها لك إلا قرب النهاية

شخصياته الغرائبية

أفكاره المجنونة والرائعة بالمناسبة

الجمل والتشبيهات التي تصلح كاقتباسات تضعها علي الفيس بوك أو تويتر

ربما سيطر اللامنطق علي النهاية المرتبكة للرواية وهو في هذا يظهر للقارئ الفارق بينه وبين أحمد خالد توفيق.

الفكرة جيدة -أقصد التاكسي وسائقه- التقطها شخص كخالد الخميسي ليخرج رائعة: تاكسي. والتقطتها من قبله صافيناز كاظم. أحدهم أخرج فيلما لم يحقق نجاحا جماهيريا إلا أنه مقبول فنيا. ناهيك عن الافلام الأجنبية عن شخصية سائق التاكسي. وما بعد ثورة يناير كان باستطاعة المؤلف أن يكتب روائع لم يسجلها إنسان قبله ولكن أظنه استسهل فكرة الكتاب للنشء أو للمراهقين دون أن يدرك أنهم صاروا أكبر مما يتخيلهم,ولسان حالهم صار: لقد هرمنا.

النجمات الثلاثة فقط لأن أحدهم جرؤ علي إهانة المخابرات في دار ناشر كان أحد كتابها يأخذ أوامره وتصريحات نشر مؤلفاته وربما توجيهات كثيرة عما يكتب ولا يكتب من أفراد يقبعون في أقبيتها يتآمرون علي مستقبلنا.

*منقول