أَيُّهَا الرَّفِيقُ النَّزِيَّةُ عَنْ كُلِّ شُبْهَةٍ وَ عَنْ كُلِّ تَشْوِيهٍ ،يَا مُخْلِصًا لِرُوحِي يَا وَاقِفًا بَعْدَ مَوْتِي عَلَى الضَّرِيحِ كَمَا عَلَى شَرْفَتِي أَمْسًا تَقِفُ لِتَسْتَرِيحَ بَعْدَ سُدُولِ اللَّيْلِ وَ إِطْفَاءِ الْمَصَابِيحِ أَوْ فِي صَبَاحِ يَوْمٍ بَعْدَ طُلُوعِ شَمْسٍ عَلَى تَرَانِيمِكَ أَسْتَفِيقُ، بِالْحُبِّ عِنْدَهَا قَلْبِي يَنْتَعِشُ فَرَحًا يَسْتَشِيطُ، أَسْرَعُ أَنَا إِلَيْكَ أَجْلِبُ الْمَاءَ وَ حُبُوبَ الْقَمْحِ وَ أُجَالِسُكَ لِأَقُصَّ عَلَيْكَ مَا أَتَى بِهِ يَوْمَ الْأَمْسِ بِصَوْتٍ خَافِتٍ يُشْبِهُ الْهَمْسَ، أُحَدِّثُكَ عَنْ دُمْيَتِي الَّتِي تَتَكَلَّمُ لَيْلًا، عَنْ الْحَيِّ وَ الْأَهْلِ ،عَنْ كَرْهِي لِسَبَانِخٍ تَعِدُّهَا أُمِّي، عَنْ أَبْوَابٍ يُطَبِّقُهَا أَبِي، عَنْ الْكَرْتُونِ اللَّذِي أَحَبَّ، عَنْ الرُّوِيَّاتِ الَّتِي تَقُصُّهَا عَلِيَا صَدِيقَتِي سَلْمَى ، عَنْ الْبَرْدِ الَّذِي إِجْتَاحُ ضُلْعَى وَ عَنْ ثُقُوبٍ يَبْكِي وَ يَنُوحُ مِنْهَا سَقْفُ غُرْفَتِي ، وَ قَدْ كُنْتَ وَحْدَكَ مَنْ يَسْمِعُنِي صَدِيقًا وَفِيّا الْأَمَانَ يَمْنَحُنِي ، مُؤْنِسًا صَدُوقًا لَا يَمُلُّنِي، يَحْدِقُ إِلَى وَجْهِي بِأَجْفَانٍ جَامِدَةٍ يَقْبِضُ عَلَى آلَامِي بِأَجْنِحَةٍ غَيْرِ مُرْتَعِشَةٍ يَحْمِلَقُ فِي عَيْنَايَا شَاخِصًا يُصْغِي إِلَى نُدُوبٍ بِهَا رُوحِي تُحِسُّ،

أَنَا الْمُنْطَرِحَةُ عَزِيزِي مِنْ سَمَاءٍ عَلَى تُرَابِ أَرْضٍ بَيْنَ دُمُوعِي وَ إِنْتِحَابِ السَّقْفِ أُحَادِثُكَ يَا أَيُّهَا الطَّائِرُ ذُو الْهَيْبَةِ عَنْ أَوْجَاعِ الْعَالَمِ ، عَنْ الْغَرَائِبِ وَ عَنْ حَالِكَ ظَلَامٌ لَا تَأْتِي بَعْدَهُ الْأَنْوَارُ عَنْ أَهْوَالٍ، عَنْ أَغْوَارٍ، عَنْ عُمْقِ وَجَعٍ بَعِيدٍ عَنْ عَالَمِ الْمِقْيَاسِ وَ الْكَمِّيّةِ،عَنْ أَبْعَادِ النَّفْسِ الْخَفِيّةِ عَنِ الْمَوْتِ الْعَابِثِ بِالْأَرْوَاحِ الْفَتِيّةِ

قَدْ أَبَحْتَ أَنْتَ عِنْدَهَا بِصَمْتِكَ دَوَاءًا لِخَبَايَا رُوحِي وَ فَتًحْتَ بَصْرِي بِصُمُودِكَ عَنْ مَقَاصِدِ الَا نِهَايَةً ، وَ عَالَجْتُ بِتَغَارِيدِكَ نَفْسِي الَّتِي أَسْكَبَهَا إِلَيْكِ وَ حَمَلْتَنِي بِالْفَنِّ إِلَى عَالَمٍ أَقَلِّ قَسْوَةً مَنْ ذَا الَّذِي أَتَيْتُ مِنْهُ إِلْبَكَ

خْبَرَنِي الْآنَ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ

إِلَى أَيْنَ رَحَلْتَ وَ كَيْفَ الطَّرِيقُ؟ هَلْ زَارَكَ الْمَوْتَ فَجْأَةً أَمْ مَا عُدْتَ تُطِيقُ؟ بِاَللّهِ خَبَرْنِي أَيُّهَا الرَّفِيقُ عَنْ الْهَوَاءِ الَّذِي إِلَيْهِ هَاجَرْتُ أَوْ عَنْ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ الَّتِي صَبَّتْ إِلَيْهَا رُوحُكَ، حَدَّثْنِي عَنِ الْعَوَاصِفِ الرَّعْدِيَّةِ أَوْ عَنْ الْحَرَائِقِ الْغَابِيَةِ، عَنْ صَيْحَاتِ الْأَمْوَاتِ، عَنْ مُحَرَّمَاتِ اللَّذًاتِ وَ مُعَانَاتِ الذَّوَاتِ عَنْ اللَّيَالِي وَ الْأَيَّامِ ، عَنْ أَطْفَالِكَ الَّذِي فِي الْقَدِيمِ هَاجِرُو كَفَاكَ وَ كَفَانِي مِنِّي، هَاتِ مَا عِنْدَكَ أُرِيدُ انْ أَسْمَعُ ، قَصَّ حِكَايَتِكَ أَوَدُّ رَدَّ الْجَمِيلِ ، فَلْتَعِدْ وَ لِتَرْتَمِي إِلَيّا بِتَعَبِ جَنَاحِكَ وَ لِتُحَدِّثَنِي عَنْ سَبَبِ نَوَاحِكَ

هَلْ هِيَ الْعَوَاصِفُ ؟ الْحَرَائِقُ؟ أَمْ شَبَحٍ إِبْنِ مُهَاجِرٍ؟

عَدَ سَرِيعًا عَزِيزِي، قَدْ طَالَ صَبْرِي وَ لَا زِلْتُ أَنْتَظِرُكَ بِفَارِغِ الصَّبْرِ عَلَى الشُّرْفَةِ فِي مَوْعِدِنَا أَسْتَيْقِظُ عَلَى صَوْتِ الْمُنَبِّهِ أَسْرَعَ أَحْضِرَ الْمَاءَ وَ حَبَّاتِ الْقَمْحِ وَ فِي الْهُدُوءِ السَّابِحِ أَهْمَسُ

"سِنُونو".