تفاجئ الأستاذ و قال :" ماذا !!! ما الذي يجري هُنا !!؟ ما الذي تفعلونه ؟! اتركوني !!"
قام أحد عناصر الشرطة بوضع الأصفاد و جره إلى غرفة الاستجواب بينما كان يُقاومهم و يصرخ بوجوههم ، قدم إلى تلك الغرفة ضابطان و مُحققٌ برفقتهما ، صاح الأستاذ ناصر :" ما الذي فعلته !!؟ لماذا قبضتم عليّ أجيبوني !!!"
:" أنت الأستاذ ناصر شاهين صحيح ؟"
:" بلى ، بما أنا مُتهم !!!"
:" أين كُنت قبل قليل من مجيئك إلى مخفر الشرطة !؟ هل شعرت بالذنب كي تُسلم نفسك إلينا !؟ أجب !!!"
:" ماذا ؟ أُسلم نفسي ؟ لقد أتيت لتقديم شكوى يا حضرة الضابط ؟ عن ماذا تتحدث ؟"
:" ضد من ؟"
:" ضد الطالب نجيب خضار بسبب إتهاماته المتواصلة لي على أنني على علاقة جسديةٍ معه !!"
:" لا يزال التحقيق جارياً و سنكتشف كّل شيء يا أستاذ ناصر ، هل تعلم أين كُنا قبل قليل ؟"
:" و لما عليّ معرفة هذا الامر ؟"
:" لقد وصلنا بلاغٌ عن مقتل شاب في العشرينيات من عمره بالقرب من مكان مألوفٍ بالنسبة إليك ، و بعد اجراء التحقيق ، تعرفنا على هويته ، اكتشفنا أنه يُدعى نجيب خضار ! "
:" يا إلهي، لا أصدق هذا ! نجيب قُتل ؟!"
:" و هل تعلم من قتله ؟"
استغرب الأستاذ و قال:" ما دخلي بما حدث له !"
:" لقد عثرنا على ورقةٍ بالقُرب منه كتبها الضحية قبل موته مُشيراً إلى إسم قاتله ! إنه أنت يا أستاذ ناصر شاهين !!"
شعر الأستاذ بإستياءٍ أكبر و قال :" أنت تتهمني بالقتل يا حضرة الضابط !! لقد كُنت بعيداً عن مسرح الجريمة !! لا لا لا أصدق أن هذا يحدث لي ! أرجوك يا حضرة الضابط سوف يُغمى عليّ ، لا يمكنني التنفس ، ما الذي يفعله هذا الطالب الغريب ..."
:" أريد أن أطرح عليك بعض الأسئلة ، أين كنت قبل ساعةٍ من الآن ؟"
تصلّبت نظرات الأستاذ و هو ينظر إلى الطاولة متأثراً بخبر وفاة ذلك الطالب و قال:" أنا ... كُنت أقود السيارة نحو مكان عملي ! لا أصدق أن هذا قد حدث !"
لاحظ المحقق تصرفاته التي تشبه تصرفات المجرمين حتى أخبره قائلاً:" إعترف بجريمتك و أرح نفسك ! ربما لا تزال مصدوماً بسبب قتلك إياه !"
رد الاستاذ بصعوبةٍ بينما هو يبكي قائلاً :" أنا ... بريءٌ يا حضرة الضابط ! لم أفعل أي شيء !! لماذا حدث كُل هذا معي ؟ ما الذي فعلته لهذا الطالب حتى فعل كُل هذا بي !!! أكاد أُجن !"
:" هيا خذوه إلى الزنزانة ، سنستكمل التحقيق بشأن هذه القضية لاحقاً !"
_ ليلةٌ مليئة بالرُعب يقضيها الأستاذ ناصر ، كان مصدوماً لما حدث ، كان يشعر بظلمٍ شديد ، و أكثر ما كان يشعر به هو عدم الإنصات إليه أو تصديقه ، في لحظةٍ واحدة إنقلب الجميع عليه ، لم يتمالك نفسه و لم ينم تلك الليلة ، كان شديد الغضب يُفكر في ذلك الطالب المخبول ،بعد ساعات من الإحساس نفسه بالعجز و الظلم، إنتهت تلك الليلة المرعبة حتى قدم الحارس لإخراجه منها و أخذه إلى غرفة الاستجواب مُجدداً ، قدم الضابط الذي تحدث معه سابقاً و أخبره :" سيد شاهين ، دعني أسمع إفادتك بوضوح !" صمت الأستاذ و لم يُجبه بأي شيء ، كرر الضابط سؤاله ، نظر إليه الأستاذ نظرة ألمٍ و قال :" أنا بريء يا حضرة الضابط ، ألا تفهم ؟"
:" لقد تحققنا أين كُنت قبل ارتكاب الجريمة ، لقد تحدثنا إلى خطيبتك المدعوة بفاطمة عُمران ، أعلمتنا بأنها كانت تتحدث إليك قبل ربع ساعة من وقوع الجريمة ، أخبرتنا عن مدى إستيائك بعد أن أخبرتك بأن علاقتكما قد إنتهت على إثر إكتشافها لسرك الصغير مع الضحية ، و من هذه الحكاية الصغيرة نستنتج أنك قد تأثرت بشدة لدرجة أنك ذهبت للبحث عن الضحية و قتله ، و شعورك بالصدمة و الذنب دفعاك إلى تسليم نفسك ! ما رأيُك بهذا الاستنتاج سيد شاهين ؟"
:" أنا بريءٌ يا حضرة الضابط !"
:" كيف لك أن تكون بريء و الضحية قد كتبت إسمك على ورقة قبل أن يلفظ آخر أنفاسه ! يجب عليك الاعتراف بما حدث كي تُخففَ عنك العقوبة بالقتل ، لأنك مُتهمٌ بالتحرش الجنسي و بالقتل المتعمد مع سبق الإصرار و الترصد !"
:" أنا بريءٌ يا حضرة الضابط ! صدقني لم أرتكب أي شيءٍ مما قُلتَه !"
:" هل تريد معرفة الدليل الدامغ الذي يَتهمك بالجريمة ؟"
:" ما هو ؟"
:" لقد عثرنا على جُزءٍ صغير من صورةٍ تجمعك أنت و خطيبتك بالقُرب من الضحية ! هل تعلم تفسير هذا ؟ أنك شعرت بالسوء من خطيبتك و قُمت بتمزيق الصورة ليسقط جزءٌ منها بالقُرب من الضحية ! هيا يا سيد شاهين ، خفف عن نفسك بالإعتراف !"
كرر الأستاذ إجابته قائلاً بكل تأثر :" أنا بريءٌ يا حضرة الضابط ! صدقني !"
:" إذن ، لا تزال مُصراً على أنك لم تفعل أياً من هذا ؟ سوف تُحال القضية إلى العدالة لتتلقى جزائك و صدقني ، لن تنال تخفيفاً في العقوبة إن واصلت بإنكارك لما فعلت ، هل تريد السجن المُؤبد أم وقتاً يتراوح ما بين ١٥ سنة إلى ٢٠ سنة نافذة ؟"
صرخ الأستاذ قائلاً :" أنا بريءٌ مما حدث ! بريء ! بريء !!!"
:" لك ما تريد ، أيها الحارس ؟ أعده إلى زنزانته ، سننتظر المحكمة إلى أن تقوم بإستدعائه ، نصيحةٌ أخيرةٌ لك سيد شاهين ، إعترف بما حدث و ربما ستحظى بالقليل من السنوات أو واصل إنكارك لما حدث و ستتعفن في السجن مع القتلة و المجرمين الأكثر شراً على الإطلاق ! ماذا سيكون خيارك ؟ فكر في الامر ملياً !"