_ نهض الاستاذ ناصر و خرج بطريقةٍ تُعبر عن غضبه الشديد ، كان يسير في رواق الجامعة متوجهاً إلى سيارته ، لاحظ كل من تعودوا على إلقاءه للتحية لهم بتجاهله لهم كما لو أنه غاضبٌ و بشدة ، لأنها المرة الأولى التي يرونه فيها على تلك الحالة ، في طريق العودة كان يُفكر في تلك الورقة ، كان يُفكر في ذلك الطالب المنحرف كيف حتى أوقعه في ذلك الموقف المُحرج ، عاد إلى منزله الذي يبعد عن الجامعة بثلاثين كيلومتراً ، كان مُتعباً للغاية ، يعيش الأستاذ شاهين لوحده في أخطر أحياء مدينة "عُش الطاوس" ، بالرغم من تأقلمه معهم إلا أنه استطاع أن يُبرز للجميع جانبه النقي و المُضيء من خلال تعامله معهم و إرشاد البعض منهم ، إذ كان يحظى بسمعةٍ طيبة و لن يُفكر أياً كان بالسطو عليه مثلاً أو احتقاره ، هكذا هي شخصيته في تلك المدينة المُريبة ، يصل إلى مدخل بيته و يترجل من السيارة لتصله مُكالمةٌ من خطيبته ، إذ أن المشكلات ستزداد أكثر فأكثر ، رد على المكالمة بنبرةٍ تُعبر عن تعبه الشديد قائلاً :" أهلا عزيزتي !" 

:" كيف حالك ؟ هل أنت على ما يُرام ؟" 

:" بالطبع أنا بخير ، لماذا سألتني عن حالي بهذه النبرة ؟ هل كُل شيءٍ تمام ؟" 

:" لا أنا فقط ، أطمئن عليك !" 

:" فاطمة ؟ هَل كُل شيءٍ على ما يُرام حقاً ؟" 

:" ناصر ... عدني أن تخبرني الحقيقة و لن أنزعج منك أبداً !" 

:" ماذا هناك ؟!" 

:" عدني ألا تفعل أي شيءٍ متهور حينما أخبرك بشيء ما !" 

:" حسناً ، أعدك ، ما الذي يجري يا فاطمة ؟" 

:" حسناً ، لقد ... قدم إلى منزلنا فتاً في العشرين من عمره ، أخبرني أن إسمه هو نجيب ، قال بأنه يحمل خبراً لي عنك ، شعرت بالخوف إلا أنني ... أردت معرفة ما الذي يُريد قوله ، فأخبرني ... بشيءٍ خاص عنه و عنك ! لم استطع تصديق ما قاله ، كان يعتذر بشدةٍ إليّ ! كما لو أنك ... فعلت ما قاله حقاً !!!" 

صاح ناصر بأعلى صوته :" ما الذي يجري ؟ أخبريني من هذا الفتى الذي أتى إليكِ و أخبركِ عني ؟" 

:" هل هذا يعني أنك قد فعلتها !!؟" 

:" فاطمة لا تجعليني أغضب عليكِ ، لقد طفح الكيل ، هذا الفتى قد تمادى كثيراً في تصرفه الغريب هذا !!! لماذا يُعرضني إلى هذا الموقف ؟ ما الذي فعلته معه ؟ و يال جرأته حينما ذهب إلى منزل خطيبتي !!! سأقتلع عنقه !!! أنا ذاهبٌ إلى مخفر الشرطة لأقدم شكوى ضده ! لقد طفح الكيل لن أنتظر أكثر من هذا !" 

قالت فاطمة و هي تبكي :" ناصر ! لا تُغلق الخط ! لقد قتلتني يا ناصر ! ظننتُ أنك رجلٌ طيب و نزيه !! لماذا فعلت هذا بي !! لماذا !!!"

:" هل تُصدقين كلامه !!؟ يا إلهي ما الذي يجري معي ؟" 

:" لقد إنتهينا يا ناصر ! لن أستطيع أن أكون مع شخصٍ مريضٍ مثلك ، عليك بزيارة طبيب في أقرب وقت !" 

_ حينما سمع تلك الكلمات ، حتى أحس بغضبٍ شديدٍ للغاية إذ جعله يُكسر هاتفه المحمول أرضاً ، عاد إلى سيارته و أنطلق بسرعةٍ متهورة إلى مخفر الشرطة ، وصل إلى هناك و هو متعجلٌ بشدة أن يُخرج الغضب الذي بداخله ، دخل إلى المركز و قال بصوتٍ عالٍ :" أين هو الضابط المسؤول هنا !!" 

:" سيدي ، أنت في مخفر شرطة ! لا تتحدث بهذا الشكل هُنا !" 

:" أين هو الضابط ؟ بسرعة نادِ عليه ، أريد تقديم شكوى ضد طالب يُدعى الداعر الأخرق نجيب خضار !" 

لاحظ الشرطي ما قاله ثم طلب منه أن يُعيد الإسم ، فأعد الأستاذ ناصر الإسم حتى صاح الشرطي :" إنه هُنا !!! أقبضوا عليه بسرعة !!! لا تتحرك و إلا سأُطلق النار عليك !"