مراجعة كتاب فن الأدب شوبنهار
الأدب هو إحدى أشكال التعبير الإنساني التي ضخت لنا صور أدبية، عبرنا عنها بأسلوب أدبي راقي فشمل الأدب كل ما يجول في عقولنا بشكل يتناوله القلم ليعبر عنه مستعيناً بشتى أنواعه.
فالأدب شمل نوعان من الفكر أي نوعان من الأقلام التي نشأت في عالم الأدب:
- أولاً
القلم الذي يكتب لموضوعية الفكرة وطرحها أدبياً فيخوض بها دروب الأدب ليصل بنا لفكرته التي تناولها والتي تّلم به وبتجاربه الفكرية
- ثانياً
القلم الذي سبح مع التيارات العائمة بإسم الأدب فما هو سوى حرفه لعامله خرق بها العالم الأدبي لجمع مزيد من المال،
• فالقلم الأول أستطاع أن تصرخ كلماته لتنبت فعالم الأدب ما نستطيع قراءته وفهمه ،
أم الثاني فليس لهم صوت فكلماتهم متصنعة ومفتعله لجذب العقول النائية، فلا صوت صريح لهم خوفاً من أن تتعرى كتاباتهم السطحية والزائفة
تلك الفئة التي اخترقت عالم الأدب فما هم سوى لصوص الأقلام التي نقشت أفكارهم الساذجة مقابل المال وما ساعدهم على ذلك بعض دور النشر التي تتبع سياسة حفظ حقوق النشر لتسبب فاجعه للأدب بالتعاون مع اولئك اللصوص.
ويصنع لنا الأدب عدة أبواب نرى من خلالها جماليته والتي كان منها النقد الأدبي:
- فالنقد هو لفظ جمالي يعني التواصل إلى ما هو صواب من الناحية الجمالية والاعتماد على قاعدة بدون الانحياز لأي مواطن جمالية أو أدبية يقف أمامها، فالذوق الناقد المدرك هو الصفة المؤنثة المقابلة للخاصية المذكرة المتمثلة في الموهبة أو العبقرية الناقدة العاملة ، والنقد لا يجوز أن يتناول الأخطاء فقط أو التركيز على مستويات معينة لإنه كاميرا ناقلة للعمل وللكاتب من حيث الصيغة الجمالية والأدبية فالناقد هو عين الكاتب المعاكسة له
فهناك ناقد متحول يرى الصورة الجمالية المّحيطة حول العمل فقط ويتلاشى النقد الادبي الذي يكتمل به العمل
فمثل هؤلاء أفكارهم خاملة النضوج لإنهم يبتعدون عن التصحيح المثالي للعمل ويرتكزون على عينِ واحدة متجاهلين الرؤية الكاملة
ولهنا نلقي الضوء على واحد من ركائز الأعمدة في صناعة الأدب ألا وهو الكاتب ولكي نرى الكاتب علينا بقراءته أولاً وهذا يتم عن طريق الاطلاع على كامل أعماله فلكي تعرف كيف يفكر الكاتب وتعلم أسلوبه عليك بقراءة عمله كاملاً لكي تستطيع التعرف على فكره والمستوى العام لذهنه
فأسلوب الكاتب يكشف عن طبيعته الشكلية لكل أفكاره وهذه الطبيعة لا تتغير فسنرى جزء منها في كافة أعماله، فلا يمكن أن تتغير تلك الشخصية مهما حاول طباعتها أو ارتدائها ثوباً جديداً
فالجهد الذي يبذله الكاتب الخامل لإخفاء ثغرات كتاباته وراء القناع المتصنع بالثقة والتفرد بوجه غير حقيقي لكي يصل للقارئ مفهوم أكبر من الكلمة، وله دلالات اعمق وهذا نوع من الاستيلاء الفكري على القارئ فمثل هؤلاء الكٌتاب يرتدون اقنعة المعرفة والعلم ليخفي حقيقته عن القارئ، وليظهر بقدر أكبر غموضاً، فيجعل القارئ ينساب خلف أفكاره الواهمة وليستدرجه خلفه كنوع من الإلهاء
فمثلهم يتبع أسلوبين متناقضين:
- الأول أن يصل للقارئ ما يريده وبنفس الوقت ان يٌحجبه عنه فالغرض الاول هو اوهامه بأسلوب الكاتب الفيلسوف الذي يتمتع بنافذة فكرية ومعرفه فذة وعمق يفوق القارئ وعقليته.
- الثاني هو إرتباك القارئ ليجذبه نحو المزيد بغرض الكشف عما يريد الكاتب إيصاله.
ويتبين براعة كل كتاب عن الآخر عن طريق عمله الروائي، فالعمل الروائي دائماً ما يكون على مستوى رفيع، وأكثر تمثيلاً لكل ما يحتويه من قصة وسرد ويتحكم العمل الروائي ويهيأ لنا محكماً سليماً للحكم على الرواية بدءً من العنوان والمقدمة والتعريف العام عن فكرة الرواية.
يقول ميلان كونديرا/غاية الرواية هي أن تكتشف ما تستطيع الرواية وحدها أن تكتشفه والعمل الروائي يتميز بالتنظيم الدقيق والذي يشمل الفكرة والشخوص المتمثلين لكل دور والزمان والمكان التي تدور حولهم حتى المؤثرات لها دور فكتابة العمل الروائي والذي يتضمن الحبكة الدرامية والأسلوب والذي هو ملامح ومنفذ الشخصية بشكل أكثر صدقاً مما يجعل القارئ يراها بصورة حقيقية، ويلامس بها جزء من شخصية الكاتب.
فالكاتب لا يفتعل أسلوباً بل يعيد صياغة وصناعة شخصياته، ويضع ملامحه معها لتظهر أكثر وضوحاً. فمحاكاة الكاتب لشخصيته أشبه بالقناع ولكنه يرتديه لوضع الصيغة الأدبية والجمالية للنص، فالأسلوب هو قلم الكاتب وتعبيراً عن حياة ينقلها لنا عبر سطور صفحاته.
فهي فكر حي ينطق من خلاله ويصور لنا أفكاره التي خطّ بها بقلمه
التعليقات