أما أنا..، فحين أغلق باب غرفتي، أغلق على أخبارٍ كثيرة وتفاصيل لا تغادر محيط تفكيري. لم أفكر كيف سأدبر الأمر لسعدي بعد ذلك، ولا كيف أفرّ من عمر بعد الآن؟
كنت أفكر فيما وراءهما الاثنين، كيف أتخذ قرارًا بشأنهما؟
هل أعيد التفكير كما طلب سعدي أو سيطلب عمر؟ أم أنساق مع مشاعري
التي لا أعرف كيف فاجأتني ذات صباح لم أحسب له بالًا؟
يدور عقلي بين الفكرة والفكرة بلا هُوية، يدعوني للتمسك بمبادئي ويلمّح لي أيضًا للتخلي عنها..، يمسكُ بيدي حينًا ويشد عليها ويتركني حينًا آخر أضيع في بحار الحيرة..، يذكّرني بالشوق للحب والحياة ثم يسدل عليّ ستائر التردد والتِّيه...!
أهذا هو الحب....؟
فيمَ أظن راحتي يا ترى؟
هل أشك في أن العيش مع من يحبُني يكفي لسعادتي؟
وأخاف لو كان العيش مع من أحبُه أنا غير كافٍ لذلك...!
وفي أعماق تلك الحيرة، تتملكني الرغبة الشديدة الآن في العيش معه...
معه بالذات..، لأني ببساطة، أحبه.. أحبه، هو، بالذات...!
ولقد صارحني، أنه لطالما انتظر لقاءنا ليظل يحبني أبدًا..، وأنه سيفضّل راحتي أينما كانت...! وأنا لا أختلف عنه، سأبحث عن راحتي أيضًا.
راحتي التي لا أظن أبدًا أنها في التخلص من ذلك التعلق المتَّكِئ على وردة، أو التخلي عن هذا الحب المعطَّر برحيق النرجس، ولا في البعد عن ضوء شموع تكاد تنصهر لتبعث لي بنور الحب....!
ماذا أريد من حياتي سوى حنانٍ يحتويني برفق، يلملم مشاعري بعناية ويعيد ترتيبي بذكاء، لأهوِي معه في محيط من الأمان على فوهة بركان العشق...!
إنه هذا فقط، كل ما أريد.!
قاطعتني أمي لتخبرني أنها رأت أن أتولى إبلاغ عمر برأيي وأن أتحمل قراري وتنفيذه وتبعاته وحدي، وكان ذلك شاقًّا عليّ؛ لأني وإن كنت أرفض الزواج منه فإني لا أملك
إلا أن أعامله بلطف، وربما كان يحتاج أن أعامله بقوتي في الصد والإعراض
حتى لا يستمر في خطته ومحاولاته.. ولم تستطع أمي أن تقابل حفاوة والدته بالرفض، ولا أن تبرر تغير موقفها منهما.
لقد رحّبت بزيارتهما بالأمس فكيف تستطيع أن تبلغهما الرفض اليوم.. وحانت اللحظة المزعجة..!