يبحث كل منا عن السعادة، لكن فكرة ما يجعلنا سعداء تختلف من شخص لآخر. السعادة النسبية، هي حالة يتم فيها إشباع الرغبات المادية أو الرغبات الشخصية المباشرة. في حين أنه لا يوجد حد لما يمكن أن نأمله أو نتمناه، إلا أن هناك حدًا لما يمكن أن نحصل عليه ماديًا وإلى متى يمكننا التمسك به.

على سبيل المثال، قد نحصل على شيء نريده في هذه اللحظة، لكن الإشباع الذي نتمتع به من الحصول عليه لن يدوم. من خلال الجهد والتخطيط، يمكننا تطوير وتعديل ظروفنا حسب رغبتنا، معتقدين أن هذه هي السعادة. ولكن إذا تغيرت هذه الظروف أو اختفت، فستتغير سعادتنا أيضًا. تسمى هذه السعادة النسبية لأنها موجودة فقط فيما يتعلق بالعوامل الخارجية.

في المقابل، السعادة المطلقة تعني أن العيش بحد ذاته هو السعادة؛ أن تكون على قيد الحياة هو متعة، بغض النظر عن مكان وجودنا أو ظروفنا. إنها حالة حياة تنبع فيها السعادة من الداخل. ويطلق عليها اسم مطلق لأنها لا تتأثر بالظروف الخارجية.

وعند النظر إلى هذه الرواية، نجد أن بروست الروائي الفرنسي الذي عاش في أواخر القرن التاسع عشر ظلّ يبحث عن السعادة المطلقة في حياته، وهو في نضال دائم ضد الزمان.

السعادة وفقًا لبروست، تتمثل في أنه عندما نحب في حالة غير طبيعية، نكون قادرين على أن نعطي في الحال أكثر الأفعال التي تبدو بسيطة، وهي حادثة قد تقع في أي لحظة، وخطورة لا تنطوي عليها في حد ذاتها. ما يجعلنا سعداء للغاية هو وجود عنصر غير مستقر في قلوبنا والذي نحاول الحفاظ عليه بشكل دائم والذي نتوقف عن إدراكه تقريبًا طالما لم يتم إزاحته. في الواقع، يوجد في الحب إجهاد دائم من المعاناة، حيث تحيد السعادة، ولكنها قد تصبح في أي لحظة حقيقة.

بروست، تتمثل جاذبيتة في الدقة التي يشرح بها حياتنا الداخلية، والجدية التي يفحص بها تشكل تجربتنا الشخصية العالم من حولنا، والبراعة التي يستحضر بها محيطه الفاخر. فالذكريات التي يتذكرها الراوي على مدار سبع مجلدات تشمل معاناة الطفولة في وطنه، والمكائد الدائمة، وصورة ترفيهية للمجتمع الراقي.

يمكنك أن تقضي أسابيع أو شهور أو حتى سنوات مغمورًا في مياهها البلورية. وعندما تطفو على السطح – تلهث قليلًا من التطور المذهل – تجد أن العالم الذي تركته للتو يبدو كبيرًا بما يكفي، قويًا ليحيط بالعالم من حولك، ليواكب الحياة نفسها.

إنه عالم يجب عليك استكشافه بالسرعة الضعيفة لنثر بروست السربنتيني، متسللًا من التعداد إلى التفسير، ومن الوصف إلى الانحراف. فكانت تجربتي في قراءة البحث عن الزمن المفقود غارقة في وهج نثر بروست الحسي الغارق في نادرة لا تكرر.

والسؤال هنا: ما هي السعادة المطلقة بالنسبة لك؟