مجموعة من القصائد المختارة المترجمة للشاعر الأمريكي من أصل ألماني تشارلز بوكوفسكي، واحد من أشهر الأدباء والشعراء الذين تخصصوا في الكتابة عن الطبقات المهمشة
لا أحب عادة قراءة الشعر مترجماً، حيث يفقد الشعر الكثير من قوته وبهائه عند الترجمة مهما كانت براعة المترجم، لذلك قرأت بعض القصائد الواردة في الكتاب باللغة الإنجليزية ولم تعجبني، ولم أخرج من العمل الحالي سوى ببضع جمل متفرقة مفضلة
وحيدا مع العالم أجمع
اللحم يغطي العظام
ثم يضيفون دماغا
وأحيانا روحا.
النساء يضربن
المزهريات عرض الحائط
والرجال يفرطون في السكر
ولا أحد يجد ضالته،
لكنهم يحتفظون جميعا بالأمل
زاحفين من سرير لآخر.
اللحم يبحث عن ما هو أَنْفَسُ من اللحم.
ليس هناك أي خلاص:
كلنا منذورين لقدرٍ فريد.
لا أحد يعثرُ علي مثيله.
امتلأت المدينة بالقاذورات
امتلأت المزابل
امتلأت الملاجئ
امتلأت المستشفيات
امتلأت المقابر
إنها فعلا الأشياءُ الوحيدة
التي تمتلئ.
كانت لحياة بوكوفسكي الكادحه ندوب واضحه بين اسطرِ شِعره
قد آسميه "أدب الفُقراء" او "الأدب الساخر
فـ على طاولة الحانات القميئه وبين آزقة الشوارع كان بوكوفسكي
على الأرصفه، وشبابيك البيوت القديمه كانت لـ كلماتهِ صدى
بين دخان السجآئر المُتصاعد، وظلام غُرفتهِ، وجيوبهِ الفآرغه كان ظِلاله حاضراً
حاضراً وبـ سُخريه عند كُل نقطة نهايه
وانا اقرأ هذا الكتاب رأيتُ بوكوفسكي بـ شخصيتين
الشخصيه الآولى : شخصيه عآريه من جميع قيم الحياة الكآذبه
كانت الواقعيه والوضوح فيهآ هيَ المُسيطره
لَمس الضجيج، وربتَ على كتِف الفقر، وحاول لملمة الشتات
والشخصيه الثانيه : كآن فيها بـ كـامل برجوازيتهِ الكاذبه
و بـ حجم سوء هذا العالم المُتأنق بـ مظاهر خدَّآعه، كانت المرآيا تعكسهُ بـ وضوح
وربما هذا ماكان يُريده بوكوفسكي آن يُرى في شِعرهِ
هذا الديوان .. لا تكفيه قراءة واحدة .. هذا الديوان .. صديق كل هؤلاء الذين يشعرون بالوحدة في الأزقة المظلمة و الأرصفة المبللة بالمطر .. ديوان المعدمين المهمّشين المختبئين في الأفنية الخلفية .. البسطاء الذين يخرجون للعمل كل صباح ، و يرجعون الى بيوتهم ليناموا ملء اعينهم .. ديوان التفاصيل الصغيرة التي اقتنصتها عدسة بوكوڤسكي الحسّاسة ..
المعدم .. السكّير الذي يسبح في قعر الكأس .. يستنطق التفاصيل الصغيرة ، التافهة ، و المهملة التي تحيط بنا بصمتها الذي ينطوي على الكثير من المعاني و الدلالات ..
لقد أحببت بوكوڤسكي كثيراً بدءاً من اختياره للعنوان حتى نهاية الديوان .. أحببت حبّه للموسيقى الكلاسيكية .. و حضور
فاغنر ، ماهلر ، بتهوڤن و كل هؤلاء الذين ساهموا في تكوين مزاجه الرومانسي الخاص ّ..
أحببت اطلاعه على مختلف الآداب و الأعمال الخالدة ..تأثره بـ " شيخوف " و " ديستوڤسكي " اللذان أحبهما كثيراً .. كما
أحببت خجله .. و حسّه الإنساني العالي .. عطفه على الحيوان .. و لا سيما
في قصيدته التي تكلم فيها عن مصارعة الثيران التي تفضح نتانة هذا العالم ..
هذا و على الرغم من كرهه للنساء كم يزعمون .. الا أنني لم أجد في هذا الديوان سوى ما يتكلم عن جمال المرأة التي تذكره بالصلوات .. المحاريب .. و الكنائس ..
لغة بوكوڤسكي جميلة و شاعرية بحق .. لا ريب و روحه التواقة للجمال تتجلى من خلال قصائده التي تحمل بعداً فلسفياً يستحق الوقوف عنده مطوّلاً ..
رابط التحميل :