الموضوع ملخص كتاب " بنك الفقراء "
ولدي العزيز ، مصعب،
لسنا أمة فقيرة بل إننا أغنياء ، ولا تنقصنا إلا الارادة الحقيقة في توظيف ما لدينا من إمكانات متعددة . يقول الفيلسوف الألماني " شبنجلر" : التاريخ الانساني ليس خطا مستقيما الى التقدم بل هو دورات متعاقبة من النمو و الإنحلال و إن كل حضارة هي أشبه بإنسان، يولد و ينمو و ينضج ثم يشيخ و يموت ، أما " توينبي " فقد آمن أن التاريخ دورات حلزونية تولد و تنمو ثم تشيخ و تموت ، لكنه يرى القوى الحاضرة استفادت من خبرات التجارب السابقة و ستعرف كيف تتجاوز المطبات التي أمامها .
في هذه الرسالة سأحدثك عن الدكتور " محمد يونس" و كتابه "بنك الفقراء" ، و كيف تجاوز المطبات التي أمامه ، و الحائز على جائزة نوبل ، ولِد "بتشيتاجونج"، بمدينة تجارية ، تضم أكثر من تلاثة ملايين نسمة، وأكبر موانئ بنجلاديش ، نشأ في شارع بوكسيرهات في قلب المنطقة التجارية ، وفي مكان مهجور يبيع المجوهرات . منزل مكون من طابقين يحتل الطابق السفلي فيه ورشة والده لتصنيع الذهب . و هو من ترتيب الثالث بين إخوته الاربعة عشر ، توفي خمسة منهم و هم في سن الطفولة ، كان والده يسعدوهما -مع أخيه-مُمسكين بالكتب, كان الاب مثالا للمسلم الورع طول حياته ، و قد حج ثلاث مرات إلى مكة . أما والدته، امرأة قوية و حازمة ، فهي بمثابة المنظم للأسرة ، قد كانت لشخصيتها أكبر الأثر عليه. و كانت مثالا للحب و العطاء ، حيث كانت تقوم بإدخار بعض الأموال التي كانت تعطيها لأي من الأقارب الذين كانو يأتون لزيارتهم من مسافات بعيدة ومن خلال رعايتها للفقراء و المحرومين ، كانت المساعد الأساسي في إكتشاف ميوله في الإهتمام بعلم الإقتصاد و الاصلاح الاجتماعي ، كان يلتهم كل مايقع في يديه من الكتب و المجلات . امتدت دراسته بالكلية " شيتاجونج" من 1961 إلى 1965 . حاول فيها بالقيام ببعض الأعمال التجارية الخاصة به . نجح المشروع في تحقيق معدلات ربح مرتفعة سنويا ، تلق تعليمه في جامعة "دكا"، وحصل على منحة دراسية من هيئة "فولبرايت " لدراسة الإقتصاد في جامعة " فاندربيلت" . ورغم نجاحه في مجال الأعمال الا ان رغبته في الدراسة استمرت . حصل على درجة الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية ، في سادس عشر من شهر ديسمبر لعام 1971. انتصرت بانجلاديش في حربها و نالت إستقلالها مقابل ضريبة ثقيلة . أصبحة الدولة معدمة و خربة ثماما . نبع واجبه الوطني على العودة و المشاركة في إعادة تعميره ، فأحس أن هذا دين عليه ، و بعد عودته عام 1972 عرض عليه تولي منصب خيالي في لجنة التخطيط القومي ، لكن في النهاية قام بتقديم الإستقالة و بعد تم تعيينه رئيساً لقسم الإقتصاد بجامعة "شيتاجونج".
بداية التدريس نظرا الى الجامعة أنها منبع العلم و أن لاتصير جزيرة معزولة يقوم فيها أعضاء التدريس أرقى الدرجات بل عي مشاركة مجتمعية تنمو النتائج و الأبحاث ، فلم تساعده نضريات الإقتصادية في فهم واقعه السيء فسعى الى اكتشاف نظريات اقتصادية لها صلة بالواقع الذي يتهدد حياة الفقراء في مجتمعه ، و بدلا من تلقين الطلبة اعتماد على الكتب الدراسية ، فقرر أن بمدهم بمعلومات تساعدهم على فهم واقع المجتمع ، فأقام بعدة رحلات متكررة مع طلبته إلى القوى المجاورة لحرم جامعة "شيتاجونج"، فزاد في استكشاف الكثير من الحقائق ، ساعدته في إنشاء بنك الفقراء . لقد عثر على أمر هام ان عالم الفقراء زاده علما جديدا في الاقتصاد . حيث أدرك فيه مشكلات التي يواجهونها من وجهة نظرهم ، فأقام بتجريب العديد من الأشياء التي تنجح بعضها و فشل بعضها الآخر .. ومن الأشياء الناجحة التي جربها كانت تنضيم قروضه ضئيلة جدا إلى الفقراء ليقومو بتشغيل أنفسهم بأنفسهم . فكانت هذه القروض متناهية الصغر ، بمثابة نقطة للبداية للقيام بالصناعة المنزلية و غيرها من الأنشطة المولدة للدخل التي استفادت من المهارات المتوفرة بالفعل لدى المقترضين . ولم يكن يتخيل مطلقا ان هذا العمل سيكون ركيزة ل"بنك الفقراء" العالمي الذي يخدم 2,5 مليون فرد ، كما لم يتوقع أن يتم تبني هذه الفكرة فيما يزيد عن مائة دولة منتشرة في خمس قارات . لقد شعر بالخزي لكونه فردا من هذا المجتمع الذي لم يستطيع أن يقدم ما قيمته فقط سبعة و عشرين دولارا لاثنين و اربعين شخصا من العمال المهرة لكي يتمكنو من كسب قوتهم . فبحيث أن لابد من إيجاد شكل مؤسسي لكي يتمكن المجتمع من الوصول اليه بسهولة و الاعتماد عليه و الثقة به ، فالمطلوب هو مؤسسة رسمية تتولى إقراض من يحتاجون إلى المال ولا يملكون آية ضمانات فقرر الوصول الى مدير البنك المحلي و طلب منه ان يقوم بنكه إقراض للفقراء المعدمين ، فقام هو و زملائه بتطوير نظامه البنكي الخاص بتقديم و تحصيل الاموال ، و بالطبع وقعو في العديد من الأخطاء ، و تكشفت لهم بعض السلبيات التي ظهرت أثناء العمل و قام بتغيير ما تتبعه من إجراءات على نحو يتماشى و طور العمل . ظهر جليا أهمية وجود فريق مساند لضمان نجاح العمليات و اشترط على كل متقدم لقرض ان ينضم الى فريق أعضائه مماثلون له في الأفكار و لهم البيئة الاجتماعية و الاقتصادية نفسها ، و ذلك حتى يتمكن من الحصول على القرض . و اعتبر أنه ليس من السهل على المقترضين أن ينظمو أنفسهم في مجموعات فإذا نوى أحدا الاقتراض فعليه أن يبادر بشرح قواعد العمل بالبنك إلى شخص آخر ، وتكون نتيجة الانضمام الى الفريق ، و بمجرد تكوين فريق من خمسة أعضاء يتم من القرض لاثنين من أعضاء الفريق ، فإدا ما قاما بسداد المستحق بانتظام خلال الستة أستبيع التالية ، يتم عنده السماح بمنح القرض الى اثنين آخرين. كان هدف "بنك الفقراء" هو إيجاد نظام قادر على النجاح ، ينظر الى القرض كحق انساني ، أن يلعب دورا استراتيجيا في معالجة مشكلات الفقر ، وهو تصور يقوم على تشكيل الأوضاع وفقا للقومية المحلية . إن وضعنا المعاصر لم يعد النظر إلى الدولة كمنقد أو ملاذ للمجتمعات ،و إنما بدأ كثير من الخبراء في الإقتصاد و الاجتماع و النفس يوجهون أن ظاهر إلى المبادرات الفردية عوضا عن الدولة . هذا ما يعززه هذا الكتاب "بنك الفقراء" تأليف الذكتور محمد يونس ؛ ترجمة و تقديم د.عالية عبد الحميد عارف . مكتبة الشروق الدولية . الطبعة الثانية :1429ه ، 2008م. رب اغفر لي و لوالدي و للمؤمنين يوم يقوم الحساب ؛ آمين والسلام أبوك : رابح حمدوني