بدأتْ قصتِي مع الكتبِ المسموعةِ سنةَ 2010 ولكنْ كقارئةٍ لها، لا كمستمعةٍ، (ذلكَ أنَّني كنتُ متطوعةً ضمنَ مشروعٍ خاصٍ بالمكفوفينَ على مستوى الجامعةِ)، ومع هذا لمْ أكنْ أحبِّذُ هذه الطريقةَ للقراءةِ.

وفي سنةِ 2015 قرَّرتُ أنْ أجربْ، حملتُ بعضَ التطبيقاتِ، وبدأتُ هذهِ التجربةََ الفريدةَ.

  • بدأتُ مع القصصِ والرواياتِ ذاتِ الحجمِ الصغيرِ، وشيئًا فشيئًا تعودتُ وصارَ بإمكانِي التركيزَ حتَّى مع الكتبِ العلميةِ والأكاديميةِ.

  • وجدتُ أنَّهُ يمكننِي الإستماعَ لكتابٍ أثناءَ القيامِ بكلِّ أشغالِ البيتِ أو الخياطةِ، أو أثناءَ السفرِ، والتنقُّلِ منْ وإلى الجامعةِ، وفي قاعاتِ الانتظارِ، وبالتَّالي تحولتْ هذهِ الأوقاتُ المملةُ إلى تسليةٍ واستفادةٍ.

  • هناكَ كتبٌ لمْ أكنْ لأقرأهَا يومًا لوْ كانتْ ورقيةً أو إلكترونيةً، ذلكَ أنَّها إمَّا مكتوبةً بالعاميةِ أو ليستْ من النوعِ المفضَّلِ لديَّ، فأعطتنِي الكتبُ المسموعةُ الفرصةَ لتجربةِ كلَّ هذهِ الأنواعِ أثناءَ قيامِي بعملٍ آخرَ وبالتالي عمليًا لمْ أضيِّعِ الوقتَ.

  • اكتشفتُ أنَّني قرأتُ أكثرَ ممَّا كنتُ سأفعلُ لوْ اعتمدتُ علَى الكتابِ الورقيِّ أو الإلكترونيِّ فقطْ، إذْ أغلبُ الوقتِ أقرأُ بمعدلِ كتابٍ في اليومِ، وأحيانًا أكثرَ من كتابٍ، خاصةً لوْ كانتْ رواياتٍ ليستْ بالطويلةِ، إذْ اعتمدُ تقنيةَ التسريعِ، فالقراءُ غالبًا يقرؤونَ بسرعةٍ متوسطةٍ لتناسبَ الجميعِ، فأسرِّع وصولاً للسرعةِ التي تناسبنِي.

  • منحتني الكتبُ الصوتيةُ تجربةً مميزةً في التَّعرفِ على الطرقِ المختلفةِ لقراءةِ الكتبِ، إذْ أنَّ لكلِّ نوعٍ طريقةً مميزةً، وكونِي معلقةً صوتيةً ومدبلجةً فالاستماعُ للكتبِ الصوتيةِ يعدُّ طريقةً لتطويرِ مهاراتِي.

  • يمكنُ تعلُّمُ اللغاتِ عنْ طريقِ كثرةِ الاستماعِ، وهذهِ تقنيةٌ معروفةٌ، لذَا حمَّلتُ كتبًا إنجليزيةً للمبتدئينَ، وكنتُ أستمعُ رغمَ عدمَ فهمِي فِي البدايةِ، ومعَ الأيامِ لاحظتُ التَّحسُّنَ في مستوايَ، وهيَّ طريقةٌ أنصحُ بها بشدةٍ لمنْ يريدُ تعلّمَ لغةٍ أيَّا كانتْ.

  • المبهرُ أنَّني اكتشفتُ بالممارسةِ أنَّ المعلومةَ المسموعةَ أكثرُ رسوخًا منَ المقروءةِ، وأنَّ استعمالَ تقنيةِ السماعِ لأجلِ التحضيرِ للامتحاناتِ أمرٌ رائعٌ، لذَا أنصحُ التلاميذَ بتسجيلِ مقالاتِهمِ ودروسِهمِ والاستماعِ لهَا لاحقًا، إنَّها فعَّالة حقًا، وأفضلُ مثالٍ عن مدى فاعليةِ الدروسِ المسموعةِ همُ الطلبةُ المكفوفينَ، فغالبًا يكونونَ متفوقينَ.

وخلاصةُ تجربتِي أنَّ الكتبَ الصوتيةَ توفرُ الوقتَ والجهدَ، فضلاً عنْ كونهَا مسليةً. ولذا صارتْ رفيقي الدائمْ، ومهما كانَ يوميَ مزدحمًا فلنْ يخلو من المطالعةِ. ولأجلِ أكبرِ قدرٍ منِ الاستفادةِ فإني أقوم بتسجيلِ ملاحظاتي ومراجعاتِي عن كلِّ كتابٍ في مذكرةِ الهاتفِ. وبهذا صرت أستفيدُ أكثرَ من الكتبِ الصوتيةِ، ومع التعوُّدِ صارَ تركيزِي عالِي ولمْ أعدْ أتشتت أثناءَ السماعِ، بل بالعكسِ المعلوماتُ تظل راسخةً أكثرَ في ذهنِي.