اقتربت نهاية الشهر... شهر رمضان... ما أسرع مرور تلك الأيام ... ففي الأمس بدء أول يوم من رمضان .. وبعد أيام قلائل سنودع آخر يوم له؛ وسيرحل هذا الشهر كما رحل في السنوات الماضية ولكن هل تزودت قبل الرحيل؟

أياماً معدودات وسنودع هذا الشهر الفضيل؛ وإن كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره، فقد بقي فيه أجلّه وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابة منه.

فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهاداً حتى لا يكاد يقدر عليه، ففي الصحيحين عن عائشة – رضي الله عنها - قالت: (( كان النبي – صلى الله عليه وسلم - يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدّ المئزر )).

فلنتزود قبل الرحيل بأنواع العبادة من صلاة وقراءة، وذكر وصدقة، ولنفرغ أنفسنا لها، ولننصرف عن أمور الدنيا، ولنتذكر أنها ليالي قليلة سرعان ما تمضي وتذهب سريعا، فإنها والله أيام معدودة، ما أسرع أن تنقضي، وتُطوى صحائفها، ويُختم على أعمالنا فيها، ونحن والله لا ندري هل ندرك هذه العشر مرة أخرى، أم يحول بيننا وبينها الموت، بل لا ندري هل نكمل هذه العشر، ونوفّق لإتمام هذا الشهر، فالله الله بالاجتهاد فيها والحرص على اغتنام أيامها وليالها.

ولنحرص في هذه العشر على تحري ليلة القدر فقد وصفها الله تعالى بقوله (( ليلة القدر خير من ألف شهر ))، فمن اغتنمها فقد حصّل خيراً كثيراً، ومن أضاعها فقد خسر شيئاً كثيراً.

وحذاري أن نكون المحرومين من فضل هذا الشهر الفضيل ممن انشغلوا بأمور الدنيا، وانصرفوا عن الطاعة والعبادة فقد روى الترمذي وأحمد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (( رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يُغفر له )).