كأقرب مثال الأب ... بفرض ان ابي يملك عادةً ليست جميلة (ليست حراماً)
لكنها مزعجة جداً ... كيف ستخبره ان كان لا يتفهم ابداً وربما يحول نصيحتك الى اي شيء يدور في عقله ؟
عموماً لنفرق أولا بين النصيحة والاقتراح لفهم الموضوع جيدا .
ان كان ذلك الشخص اكبر منك سنا و اهم مكانة ( اجتماعية او دينية او صلة رحم او معرفية ) فانه الأمر لا يسمى نصيحة لانك لست في مقام نصحه حتى وان كان المضمون نفسه . ولشرح ذلك بدقة فان :
من الكبير الى الصغير تسمى نصيحة .
من الصغير للكبير تسمى اقتراحاً .
المضمون طبعا هو واحد لكن التسمية مختلفة وطرق تقديمها مختلفة . تماما مثل اللغة العربية اللغة العربية لما تقول لانسان قم ، افعل ، اصنع . فهو أمر . لكن لما تقول لله عز وجل (اغفر ) فهو (أمر لغويا ونحويا ) لكنه يسمى دعاء . اذن فالمضمون واحد وتختلف التسمية وطريقة التقديم .
نأتي الآن الى " . كيف ستخبره" ؟ .
يكون ذلك عبر طريقتين :
أنت بذاتك وذلك لما تفتح الموضوع في المكان المناسب والوقت المناسب ( شرطان اساسيان ) ولما يكون في ( حالته هو المناسبة بمعنى ان بكون مزاج المعني مناسبا للأمر ) ما معنى ان يكون مناسباُ للأمر .يسمى عادة في الأدب النبوي ب( طيبة نفس ) يعني المزاج الملائم والوضع الملائم للامر و مثاله حديث :
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خرج ذاتَ يومٍ على راحلتِه وأصحابُه معه بين يدَيه فقال معاذُ بنُ جبلٍ : يا نبيَّ اللهِ أتأذنُ لي في أن أتقدَّم إليك على طِيبةِ نفسٍ ؟ قال : نعم فاقترب معاذٌ إليه فسارا جميعًا فقال معاذٌ : بأبي أنت يا رسولَ اللهِ أسأل اللهَ أن يجعلَ يومَنا قبل يومِك أرأيتَ إن كان شيءٌ ولا نرى شيئًا إن شاء اللهُ تعالى فأيُّ الأعمالِ نعملُها بعدك؟ .. التتمة :
فاذن طريقة التطبيق هي في خطوات :
المكان والوقت المناسب .
قابلية المعني بنصحه المزاجية والنفسية والروحية .
تقديم كلمات الاقتراح او النصيحة بالمدحِ و ذكر المحاسن ( لأن ذلك يشرح القلب الانساني ويفتح قناة الانصات والاستماع والقبول لك ) كمثال الحديث اعلاه قال الصحابي الجليل بادب بالغ بأبي أنت يا رسولَ اللهِ أسأل اللهَ أن يجعلَ يومَنا قبل يومِك وكمثال في حالة الأب ( ربنا يطيل في عمرك ويجعل يومي قبل يومك كم فعلت من اجلنا ولا زلتُ اذكر لك يوم كذا وكذا ، كم هو حظي بأبٍ مثلك الخ ... )
تقديم النصح - الاقتراح بألطف عبارة وأرقها وتتضمن المضمون واضحاً لا جارحاً.
وبما أن الطريقة الاولى ليست سهلة رغم انها مجربة لكنها تتطلب فهما وعلما و حكمة . فعليك بارسال وسيط حكيم وأكرر ان يكون حكيما وكما يقول المثل العربي ( ارسل حكيما ولا توّصه ) لانه لا يحتاج للتوصية وسيقوم بالمهمة على اكمل وجه لان الحق تعالى رزقه الحكمة . اما ان اخطأت وارسلته غير حكيم فلن تتحمل العواقب التي يمكن ان تنجم عن ذلك .و عادة من يكون الحكيم كبيرا من السن فاق الاربعين وله خبرة ومعرفة بالشخص المرسل اليه وتظهر عليه مخائل الذكاء والفطنة و الطيبة وله تاريخ جيد ومن عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض والذين لا يخلوا منهم مكان ، سواء كان من الاقارب اوالاساتذة او ارباب العمل او ائمة المساجد او حتى قيميها او غير ذلك حسب الحالة والوضع والموضوع .
كنت سأكتب رداً لكن رد الأخ يونس ما شاء الله استوفى ما كنت أنوي كتابته
لكن فيما يتعلق بالطريقة الثانية، أقول لا تشترط الحكمة بمعناها المثالي حتى لا يتعذر الأمر وقد قلتها أنه غير موجود
لكن يكفي أن تجد شخص له موانة على والدك بمعنى ليس بينهما تكلف كأن يكون صديق أو قريب أو حتى الوالدة أو أحد أبناءه الذين يتقبل منهم أو جار بينهم مزاح بحيث يطرح عليه الموضوع ضمن سياق الجلسة بحيث لا تبدو أنها نصيحة مُكلف بتوصيلها، هذا ربما يجعل الشخص يتقبلها وينتبه لها على الأقل.
فعلا @عبد الرحمن أحمد ما أردت قوله بالنسبة للحكمة ما كتبته انت مباشرة هنا . اشكرك لتعليقك وتوضيحك .
لا يسيعنى أن أقرأ سؤالك دون الإشارة الى قصة سيدنا الحسن والحسين لتعليم رجل الوضوء
وللتذكير بالقصة فهى هنا
وملخصها
(ذات يوم وجد الحسن والحسين سبطا النبي صلى الله عليه وسلم وجدا رجلا لا يحسن الوضوء.. فماذا فعلا ؟ انظر إلى فعلهما وتعلم الذوق في الدعوة إلى الله منهما.
ذهبا إليه.. فقال الحسن: يا سيدي ، أخي هذا يدّعي أنه يتوضأ أحسن مني ، وأنا أقسم أنني أتوضأ كما يتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ، فاحكم بيننا وانظر إلى وضوئه ووضوئي ، ثم قل أينا يتوضأ كما يتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم. فدخل الحسن وتوضأ ، وأسبغ الوضوء وأحسنه ، ودخل الحسين وتوضأ مثل أخيه. فقال الرجل: والله إني لا أجيد الوضوء كما تتوضآن. ما رأيك في تصرف الحسن والحسين!! تعلم الذوق والأدب الرفيع من الحسن والحسين.. واقتد بهما تصل إلى ما تريد بأرق وألطف الأساليب.)
التعليقات