من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه

مقدمة

الإيمان بحكمة الله وعدله ورحمته يجعل المسلم يدرك أن كل تضحية لله هي استثمار رابح في الدنيا والآخرة. فقد جاء في الحديث:

"إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدَّلك الله به ما هو خير لك منه" (رواه أحمد).

هذا الوعد الإلهي يمنح المؤمن يقينًا بأن ما يتركه من المحرمات أو الشهوات أو الأمور التي تبعده عن الله، سيعوّضه الله بما هو أعظم وأفضل.

أولًا: مفهوم الترك لله

ترك شيء لله يعني:

1-  الابتعاد عن الحرام: كترك الكذب، الغيبة، الربا، والعلاقات المحرمة.

2-  ترك المباحات إذا شغلت عن الله: مثل ترك بعض الملذات إذا ألهت عن العبادة.

3-  التضحية بالراحة والمال والجاه لأجل الله: كالتصدق، والجهاد، وخدمة الناس.

ثانيًا: صور العوض من الله

1-  العوض في الدنيا

-      الطاعة تجلب البركة: من يترك الحرام في رزقه، يعوّضه الله بالحلال الطيب المبارك.

-      الاستقامة تجلب الطمأنينة: من يترك المعاصي، يمنحه الله راحة القلب وسكينة النفس.

-      الصدق يجلب الرزق والقبول: من يترك الكذب، يجعل الله له مكانة عند الناس.

-      الصبر على البلاء يجلب العطاء: من يترك الجزع ويصبر، يعوّضه الله أضعافًا.

2-  العوض في الآخرة

-      من ترك الشهوات المحرمة، أبدله الله بلذائذ الجنة.

-      من ترك المال الحرام، أعطاه الله أجر الصدِّيقين والأبرار.

-      من ترك الرياء، رزقه الله الإخلاص وجعل له القبول في الأرض.

ثالثًا: أمثلة من الواقع والسيرة

1-  يوسف عليه السلام وترك المعصية

عندما ترك الفاحشة ابتغاء مرضاة الله، لم يضيّعه الله، بل رفعه من السجن إلى الحكم وأصبح عزيز مصر.

2-  الصحابة وترك الدنيا لله

تركوا أموالهم وأوطانهم في الهجرة، ففتح الله لهم القلوب والبلدان وأكرمهم بعزة الإسلام.

3-   واقعنا اليوم

-      من ترك وظيفة بسبب مال حرام، رزقه الله بوظيفة أنقى وأبرك.

-      من ترك علاقة محرمة لله، أكرمه الله بزوج صالح يملأ حياته سعادة.

-      من ترك عادة سيئة، فتح الله له أبواب الخير والبركة.

رابعًا: كيف نقوي يقيننا بهذا الوعد؟

-      تذكر أن الله أكرم الأكرمين، ولن يخذل من يطيعه.

-      الاستعانة بالله والصبر حتى يأتي العوض.

-      اليقين بأن العوض قد يكون غير متوقع، لكنه دائمًا خير.

خاتمة

الثقة في وعد الله تجعل المؤمن مستعدًا لترك أي شيء يبعده عن الله، لأنه يعلم أن الله سيعوّضه خيرًا مما ترك. فكن ممن يتركون لله، حتى تنال العوض العظيم في الدنيا والآخرة.

نسأل الله أن يجعلنا ممن يتركون لأجله، فيرزقهم من فضله وكرمه.