وحدة وطنية كاذبة !

بعيداً عن المواضيع الدينية، أريد أن أتناقش مع حضرتك في موضوعة تخص ما تكتبين من ناحية عقلية فلسفية، لماذا يجب أن نكون أصلاً معنيين بمن يضحك ومن يفرح ومن يُسرّ ومن يغضب؟ هذه مُضرّ فعلاً للصحة النفسية، غير مُرحّب به إنسانياً، موضوعة تفتك بالإنسان، أن يكون مسؤولاً وشرطياً على عواطف الناس ومشاعرهم، ثم أنّهُ مُشغل للوقت، للكثير من الوقت، والأهم من كل ذلك طبعاً أنّهُ موضوع لا يرقى لأن يكون موضوعاً أصلاً، هل يمكن أن أسأل الناس لماذا لم تبالغوا في حب أمهاتكم في عيد الأم؟ هل يصلح أن يكون هذا موضوعاً؟ وأخيراً طبعاً: يجب علينا أن نفهم كبشر أننا مسؤولون عن أنفسنا وفقط، لسنا مسؤولين لا عن نجاح بعضنا ولا عن سعادة بعضنا ولا فشل الأخر وتعاسة الأخر وما يفعل الأخر، هذا أهدئ للبال، أكثر راحة.

في البداية أثار العنوان حفيظتي إذ حسبت أن الموضوع عن الوحدة الوطنية وما يُقال عن الكراهية والحب والفتنة الطائفية وتلك المواضيع المحفوظة..

ولكن طرح الخلاف القائم حول التهنئة بأعياد النصارى ومشروعيتها خالف ما توقعت من العنوان.

برأيي أن سبب ذلك الخلاف هو الجهل المستفحل بأمور دينية أساسية لا خلاف فيها، والذي ساهم فيه الإعلام وتهميش دور الشيوخ والمساجد والحرب الفكرية ضد كل ما هو إسلامي الهوية، وهو ما نتج عنه فئة ترى ان التهنئة بما يسميه النصارى ميلاد المسيح الذي هو بالنسبة لعقيدتهم الإله _تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا_ وقيامته وغيرها من الأعياد التي تخصهم وتخالف عقيدتنا كمسلمين هو أمر عادي...

وحجتهم هنا كيف لا أهنئ جاري او زميلي في العمل أو غيرهم طالما أنني لا أومن بما يؤمنون به وإنما هي من قبيل التهنئة الاجتماعية؛ لكنهم نسوا أن هذه التهنئة تشمل إقرارا ضمنيا بصحة المعتقد؛ ولذلك هي مخالفة للدين الإسلامي؛ بعكس مثلا تهنئتهم بالنجاح والترقي والزواج والولادة والتعزية وعيادة المريض منهم وغيرها من الأمور الاجتماعية فعليا والتي لا حرمة فيها.