ِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ يَٰٓا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا ١

ناموس وقانون الزوجية هو الأساس لبرنامج الخلق العظيم, قال تعالى"وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" 49الذاريات لأن الله تعالى واحد أحد فرد صمد حي قيوم , غني بذاته عن كل ما سواه , ويقوم بكل ما سواه , وكل ما سواه مفتقر إليه " افتقار ذات " لا ينفك عن ذلك أبداً كل مخلوق من العرش إلى نهاية الخلق , فافتقار الخلق إلى ربهم جل جلاله وتباركت أسمائه افتقار جوهر وذات وليس افتقار عرضي ومجرد صفة من الممكن أن تفقدها في وقت من الأوقات.

إن من فضل الله تعالى علينا ورحمته بنا .. أن ذرأنا من نفس واحدة متوحدة في اصلها ومنشأها ... ثم جعل منها زوجها ليكون السكن والوئام والتمام والتكامل في الخصائص والصفات ... ثم بث من هذا النفس وزوجها كل النفوس الذرية المقدرة سابقا في برنامج الخلق العظيم ... 

فهذه مرحلة الخلق النفسي ... التي سبقت مرحلة الخلق المادي الكامل ... 

فمرحلة الخلق النفسي كانت في السماء في عالم النفس وهو من عوالم الغيب المهيب .... فقد خلقنا الله تعالى بقدرته كأنفس ذرية زوجية من هذه النفس الأولى المتوحدة وزوجها ... ثم جمعنا في عالم النفس واشهدنا على انفسنا شهادة الربوبية .. وتلك هي فطرة الله تعالى التي فطر الناس عليها ... ثم اصطفى من هذه الأنفس الذرية رسله وأنبيائه .... ثم ميزهم عن سائر الناس واخذ ميثاقهم المخصوص بالنبوة والكتاب 

ثم بثنا بثا في عالم النفس والبث يدل على الانتشار مع بعض الخفاء والكمون ... فالبث يدل على ظهور الناس من عالم النفس المكنون إلى عالم المادة والظهور والالتحام بالجسد بالتوالي والتتابع بحسب وقت بروزها وظهورها المقدر في الكتاب الأول [ كتاب الخلق والتكوين ] 

كل ذلك قبل خلق آدم عليه السلام من طين وإنشاءه خلقا سويا ... لأن مرحلة الخلق النفسي كما يبدوا لنا من نور الآيات الكريمة ... كانت سابقة على مرحلة الخلق التام نفسا وجسدا ... 

فهذه النفس الواحدة التي خلقها الله تعالى بقدرته .... هي اصل الخلق البشري كله ... وكانت قبل آدم عليه السلام ... وقد خلق الله تعالى منها الناس جميعا كأنفس مجردة لها وعي وادراك متناسب مع عالمها المجرد  

فهذه النفس الوترية الأولى وهذه النفس الزوجية الثانية المنبثقة منها ... ذرأ الله تعالى منهما وبث كل نفس مخلوقة ومقدرة في الكتاب الأول إلى يوم القيامة ... وهذا الترتيب نراه في قوله تعالى : 

 { وَلَقَدْ خَلَقْنَٰكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَٰكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ اسْجُدُوا لِءَادَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّٰجِدِينَ }[الأعراف: 11].

وبناء على هذا التصور المنبثق من وحي الآيات ... فإن آدم عليه السلام ليس هو اصل الجنس البشري وإنما هو أبو البشر ... لأنه مخلوق مثلنا من هذه النفس الأولى ,, فهو أول البشر خلقا تاما سويا في الوجود الزمني في سلسلة الخلق البشري .... وهو أول نفس برزت من عالم النفس إلى عالم المادة ... ثم من بعده برزت النفس الثانية وهى " حواء " 

وهو أبو البشر ككيان مادي يتناسل ويتكاثر بالتزاوج بين الذكر والأنثى... ولكن النفوس البشرية تم خلقها وذرأها في ناموس الزوجية من النفس المتوحدة الأولى ... ثم جمعنا الله تعالى بقدرته ونحن على هذه الهيئة في عالمنا الأول واشهدنا على انفسنا واخذ علينا الميثاق ... كل ذلك كان قبل خلق آدم عليه السلام خلقا تاما سويا في عالمنا المادي ... 

فهذا التزاوج بين الرجال والنساء ينتج عنه الإنسان ككيان مادي وعالم قائم بذاته لكي تهبط عليه النفس من عالمها العلوي وتلتبس به وتلتصق ... ويتشكل هذا الكيان بحسب قوة النفس وصفاءها وهمتها ومجموع صفاتها ... وهذا هو الخلق الثاني للإنسان وهو الخلق المادي من طريق النطفة الأمشاج ..