ثم كيف يعود المسيح عليه السلام في آخر الزمان وهو مبعوث لقوم معينين كانوا في زمنه وهم بني إسرائيل , وبكتاب مخصوص لهم وهو الإنجيل؟ 

فهل يعود في آخر الزمان بنفس الصفة المخصوصة؟ وقد الغى القرآن الكريم الخصوصية ونسخ حكم التوراة والإنجيل, وارتشف عصارتهما ـ كما بينا ذلك سابقاً ـ واصبح القرآن الكريم الرسالة الأخيرة ذات الصفة العالمية الأممية, والفرقان الذي فلق التاريخ البشري نصفين ما قبل وما بعد القرآن الكريم ؟

فكيف يعود المسيح عليه السلام بعد ذلك ليخاطب بني إسرائيل على وجه الخصوص مرة آخري ويدعوهم للإنجيل بعد زمن القرآن الكريم الذي هيمن على كل ما قبله بعدما احتوى مضمونه في نسيجه الفذ الفريد ؟ فهل يقول ذلك من يعقل ما يخرج من رأسه؟!

وإن قلتم أن المسيح يعود بغير هذه الصفة التي توفاه الله تعالى عليها, بل يعود خاضعاً لحكم القرآن الكريم وتابعاً له وللنبي محمدٌ صلى الله عليه وسلم .... فعندئذ تكونون كالمستجير من الرمضاء بالنار! 

والا كيف يعود المسيح عليه السلام بغير صفة النبوة والرسالة ؟ 

هل يعود للدنيا مرة آخرى كرجل صالح وزعيم للمؤمنين من أمة النبي محمدٌ عليه السلام ؟! 

ويتخلى عن رسالته وكتابه الإنجيل والشرف العظيم الذي كان فيه بسبب النبوة والرسالة والكتاب ؟!!

ولا أظن أنكم تقولون بهذا أيضاً !

إذا فبأي صفة يعود المسيح عليه السلام مرة آخرى للحياة ؟! 

هذا سؤال يرد عليكم ويقطع أوهامكم حتى لو قلتم انه حي في السماء لم يمت ....! ..... إذ انه حتى يأتي زمن نزوله المزعوم يكون قد بلغ من العمر آلاف السنين ! ورغم ذلك تصفه الروايات انه ينزل في ريعان شبابه وشعر المنسدل على كتفيه يقطر من الدهن والعطر !!

وهذا يعني أنه خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة كان خارج الزمن الدنيوي واصبح في الزمن البرزخي كما هو الحال مع الذين ماتوا ثم أحياهم الله تعالى ولم يجر عليهم الزمن الدنيوي , مما يعني موت المسيح عليه السلام خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة وليس حيا في السماء كما تصفون !

ثم كيف هو حي لم يمت عليه السلام والآية الكريمة صريحة في الوفاة بصيغة التأكيد "متوفيك" وهذه الكلمة القرآنية ترد في الأصل على الموت والخروج من الدنيا حتى البعث يوم القيامة, ولا ترد على النوم " كوفاة صغرى" إلا بقرينة ودلالة من الآية الكريمة, ثم كيف يعيش في السماء من كان له عمرٌ ورزقٌ في الأرض لم يستوفيه بعد ؟! 

كما أن الآية الكريمة ذكرت الرفع بعد الوفاة وهذا هو السياق الطبيعي لموت كل الأنبياء, لأن الملائكة تتولاهم جسداً ونفساً , والروح مصاحبة للنفس, فترفع الملائكة انفس الأنبياء المتوفين فوراً إلى عليين, وهذا دليل آخر على أن السياق في الآية الكريمة هو سياق الموت وليس نوماً أبديا آلآف السنين حتى يستيقظ قبل يوم القيامة! 

وسياق آية سورة المائدة دليل آخر يقول تعالى : { مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [المائدة: 117]

وكأن المسيح عليه السلام يرد على المفترين الضالين الذين اخترعوا هذه الرجعة والنزول قبل يوم القيامة, فيقول في عبارة صريحة وكنت شهيداً على قومي بني إسرائيل ما " دمت فيهم حياً" فلما توفيتني يارب ومت ما عاد لي أي شهود عليهم ولا اعلم عنهم شيئاً ....!! 

اليست هذه هي الأسطورة المصرية القديمة [ إيزيس وازوريس ] محورة في ثوب جديد؟

فأين تذهب بنا هذه الأساطير المحورة ؟ وانى تؤفكون عن الحق التام الذي في كتاب الله تعالى ؟!