كنت أقرا كتابا اسمه "الهاجريون" وقابلني نص تاريخي لم أجده في العربية يعرف بنص عقيدة يعقوب لذا قررت الكتابة عنه وترجمته ترجمة بسيطة -لست منرجما من قريب او بعيد- ليفيدني لاحقا إن كتبت مقالة عن هذا الكتاب -لم أترجم الرسالة كاملة ترجمت بضعة فقرات ووجدت أنها ستستغرق وقتا طويلا-

مقدمة

عام ٦٣٠م استطاع الامبراطور هرقل امبراطوى بيزنطة استعادة القدس من أيدي الفرس، قام بتعميد يهود الامبراطورية إجباريا -الذين كانوا في تحالف مع الفرس نسبيا- وتلا ذلك محاولات العلماء المسيحيين إقناع اليهود بالعقيدة الجديدة بالجدل وأصدروا عدة رسائل وكتب في هذا الصدد، ومن ضمن هذه النصوص هو النص الذي يقع بين يدينا اليوم تحت عنوان "تعاليم يعقوب المُعمد حديثًا" doctrina jacobi nuper baptizati وهو مستنند مسيحي كتب في أوائل الثلاثينات أو الاربعينات من القرن السابع الميلادي.

أحداث النص تدور في ربيع وصيف عام ٦٣٤م في مدينة قرطاجة، حيث جاء تاجر يهودي يدعى يعقوب المدينة متخفيا خشية أن يعرف المسيحيون أنه يهودي فيعمدوه إجبارا ولكنه يفضح ويُعمد ثم يكتشف المسيح ويصبح مسيحيا مؤمنا مخلصا ويحاول إقناع غيره من اليهود -الذين أجبروا على التعميد- بالعقيدة المسيحية من خلال مناقشات عدة في مجلسهم عبر الرسالة المكونة من ٥ كتب -فصول أو أبواب لا أدري ما ترجمتها- يهمنا هنا الكتاب الخامس منها الذي يأتي فيه ما يعتبر أقدم ذكر للإسلام، وكنت أنوي ترجمة النص كاملا ولكني وجدته طويلًا جدا ومعرفتي بالمسيحية ليست بالكثيرة فيتطلب الأمر مني وقتا لإخراج ترجمة متواضعة أصلا.

النص

For at the time when (Sergius) the Candidatus was slaughtered by the Saracens I was in Caesarea"— Abraham says—"and I went out by boat to Sykamina. And they said: the Candidatus was slaughtered. And we Jews rejoiced greatly. And they said that a prophet appeared, coming with the Saracens and he is proclaiming the arrival of the coming Anointed One and Christ. And when I went out into Sykamina I communicated it to a certain very scriptural old man and I said to him: 'What do you say to me about this prophet who is appearing with the Saracens?' And with a great groan he said: 'He is a deceiver. Do prophets come with swords and chariots? Really these are works of disorder set in motion today, and I fear that the Christ who came earlier, whom the Christians worship, was the one sent by God and instead of him we shall accept Hermolaos. For Isaiah said that we Jews have a mistaken and hardened heart, until all the land is made a desert. But go forth, [211] Mr. Abraham, and learn about this prophet who is appearing.' And I, Abraham, thoroughly investigating, heard from those who met him that you find nothing true in this so-called prophet, except shedding human blood. For he says that he has keys of Paradise which is unbelievable."

يقول إبراهيم: عندما قتل ضابط بالحرس الملكي -بعض النسخ وضعت اسمه سرجيوس وهو جنرال بيزنطي- على يد السارسان -العرب- عندما كنت في قيسارية -في فلسطين، وأبحرت بالقارب إلى سيكامين -تل السمك بفلسطين-. وجدن الناس يقولون أن الظابط الملكي قد قتل. ولقد ابتهجنا -نحن اليهود- للخبر. وقالوا أن نبيًا قد ظهر آتيا مع السارسان -العرب- معلنًا عن قدوم الممسوح والمسيح. وعندما ذهبت لسيكامين نقلت الخبر إلى رجل عجوز له من العلم الديني حظ كثير، وقلت له "ما قولك لي عن هذا النبي الذي ظهر بين السارسان -العرب-" فأجابني متأوهًا "إنه مخادع. أويأتي الأنبياء بالسيوف والعربات الحربية؟ إنها حقًأ أعمال فوضى تلك التي نشهدها اليوم، وأخشى أن المسيح الذي أرسله الله سابقا وآمن به المسيحيون يُترك ويُتبع الدجال -هرملاوس، وكما قال أشعياء أننا -اليهود- لنا قلوب غيظة خاطئة حتى تصبح الأرض كلها صحراء. اذهب يا ابراهيم واستعلم عن هذا النبي الذي ظهر.

وسمعت أنا -ابراهيم- خلال بحثي من أولئك الذين قابلوه -النبي- أنك لن تجد شيئا صحيحا في هذا المدعو نبيا، عدا إراقة دم البشر. أما ما يقوله عن امتلاكه مفاتيح الجنة لهو أمر غير معقول وغير قابل للتصديق.

خواطر

وهذه أول إشارة تاريخية للنبي محمد على حد علمي، ونستكشف عبرها عدة أمور منها:

1- سمعة الإسلام كانت سيئة -على الاقل بين اليهود والمسيحيين-

2- حجة انتشار الاسلام بالسيف قديمة قدم الإسلام على الأغلب، فهنا نجد التأكيد منذ البداية على الطابع الحربي للإسلام قبل الحديث حتى عن الطابع الفكري والعقائدي، فأول ما نطق به الرجل هو السلاح وإراقة الدماء، وهذا الحديث يبدو لي أنه من منطلق مسيحي، وكأن الحوار مع الرجل العجوز كله مختلق، أو أن هذا الرجل من رجالات الدين المسيحي، لأنه على حد علمي فالمسيح اليهودي سيؤسس مملكة الله على الأرض ويعيد أمجاد اليهود فطبيعي أن توجد دماء -لم أعلم أن اليهود لديهم مشكلة مع إراقة الدماء قط- وكان من الأحرى أن يعترض بذكر المعجزات مثلا، او اعتراض على أًصله غير اليهودي، وهذا كله غريب يحتاج لأسئلة فالرجل من المفترض أنه عالم بالدين ولم يعترض على أن هذا المسيح العربي ليس من سبط يهوذا، وهذا كله يثير تساؤلات عدة فإما ألا يشترط في المسيح أن يكون من سبط يهوذا في ذلك العصر -وهذا خطأ لأن في الكتاب الأول من الرسالة يتكلم يعقوب عن أن المسيح من سبط يهوذا وهو كاتب النص كله فمن الطبيعي أن يلحظ هذا- وإما أن الحوار بين ابراهام والرجل العجوز من وحي خيال ابراهام أو شقيقه يوستوس المسيحي -الذي قال هذه الرسالة ليعقوب- والعجوز يهودي وهذه كارثة لأن يوستوس يهودي الأصل ولا يصح أن يختلق القصة دون أن يذكر أهم عامل يعرفه الجميع فالقصة من المفترض أن تكون حقيقية ولكن أن يهمل الرجل العجوز شيئا بهذه الأهمية ممكن أيضا، فإرضاء القلب يأتي قبل إرضاء العقل، وما سمعه العجوز من فظائع كان كافيا له ليرفض هذا النبي دون إعمال العقل حتى فلم يحتج أن يفكر في حجة عقلية لرفضه.

3- الشائعات التي سمعها ابراهيم في المدينة عن مجيء المسيح قد تكون من نسج المخيال الشعبي، فعلى حد علمنا لا يوجد في أي من المصادر الأخرى ما يقول أن الرسول عرض نفسه كمسيح، ولكن كما يقول المثل إذا كان يتصرف كالمسيح ويتكلم كالمسيح فهو مسيح، أو على الأقل هكذا كان في المخيال الشعبي للناس وقتها

4- الحديث عن مفاتيح الجنة حديث غريب، لأنني على حد علمي لا أذكر أن موضوع مفاتيح الجنة كان بتلك الأهمية في الاسلام، ربما هو فهم مسيحي لحديث الإسلام عن الجنة، وكما يشيع في حديثنا أيضا أن نتحدث عن امتلاك أحدهم مفاتيح الجنة باستنكار، ولا أعرف إلا مفاتيح الملكوت التي ذكرها المسيح للقديس بطرس وهي مفاتيح معنوية تعني نقل السلطة إليه ليفتح الطريق أمام الناس ليدخلوا ملكوت السموات، وهو ما تحول بعد ذلك على يد خلفاء بطرس إلى صكوك غفران، فربما ذلك الفهم لمفاتيح الملكوت هو ما جعله لا يكاد يصدق أن أحدا ما غير خلفاء بطرس يملك تلك المفاتيح، تلك التي لها القوة على الربط بين السماء والأرض، تلك التي لها القوة على تحديد مصيرك الأخروي، والمفاتيح عموما تدل على الرتبة الكهنوتية فربما لذلك لم يصدق.

نحتاج مجتمعا لتاريخ الأديان، لا أدري حتى إذا كان الحديث في الأمر مسموح به أم لا.

الترجمة الانجليزية: