لا تنسَ أنَّ الدروس في مجتمع عفّة هي منهج كامل في الانتصار في معركة الإرادة، والمنهج يجب أن يؤخَّذ بشكل مُتسلسل، أنصحك بالعودة إلى الفصول الأربعة الأولى وقرائتها من جديد إن كنتَ لم تفعل بعد.

وصدّقني، لن تجد محتوى كهذا في أي مكان خارج حسوب I/O. أغلب النصائح على الانترنت في هذا المجال مليئة بالهراء، لن تجد منهجًا يأخذ بيدك الطريق خطوة بخطوة. سيكون مشروع لكتاب على المدى الطويل!

نعود لموضوعنا. أذكّرك برسمتي الطفولية في الفصل السابق:

في هذا الفصل، تتعلّم العمل العاطفي، حيث تفكّ لجة المشاعر غير المفهومة، إلى خيوط مفهومة تستطيع التعامل معها.

عندما تكون في حالة غير متزّنة، فأنت تشعر، تفكِّر وتتصرّف بشكل لا يتوائم مع القيم التي تمضي معها في حياتك.

عمل غير متزن: هو عمل لا يمثّل ما تكونه حقًا

فكرة غير متزنة: هي فكرة غير عقلانية، أو لا تنظر إلى الحقيقة كاملة.

مشاعر غير متزنة: هي مشاعر لا توافق مشاعرك الحقيقية.

معظم الخيارات الخاطئة في حياتنا، تكون عندما نُدفع من حالة الاتزان إلى حالة الـ (لا اتزان) هذه. 

الآن لنترجم ما قلناه للتو مع موضوعنا:

مشاهدة المقاطع: عمل غير متزّن، لا تريده أنت في الحالة الإعتيادية.

تبرير المشاهدة- فكرة غير متزّنة ولا تنظر لكامل الحقيقة، فلا تخبرك عن حالك بعد المشاهدة.

اشتهاء المشاهدة- مشاعر غير متزّنة لا توافق المشاعر التي تحبّبك بالصلاح.

اترى نمطًا هنا؟ كل شيء لا يوافق المكوّن الأصلي المتزّن، هذا ما تكلّمت عنه في فصل الفطناء والوحش، هذا ما يحصل عندما لا توافق أجزاءك العاطفية صاحبتها المنطقية.

حالة لا اتزان رقم 1 - سيطرة العقل العاطفي

في هذه الحالة، تسيطر الأفكار غير العقلانية، فتطرد كل فكرة منطقية تحاول الاعتراض، وتبقي فقط تلك التبريرات المنطقية التي تخدمها، هذا ما يحصل عندما تشتاق لمشاهدة الإباحية. " هيّا لنشاهد! سيكون شعورًا جيدًا، كلّهم يفعلون هذا، لن تكون نهاية العالم"!

حالة لا اتزان رقم 2 - سيطرة العقل المنطقي

في هذه الحالة، تفصل كل جزء عاطفي عنك، والعقلانية وحدها تسيطر وتسود، فتكبت أي شعور عاطفي غير مرغوب.

قد تتسائل: هذه الحالة جيّدة، لماذا تضعها في رف عدم الاتزان!

فأجيب: أنّ هذه الحالة طريق يقود إلى الإباحية أيضًا، لكنّه أبعد بقليل. وهذا ما يحصل قبل لحظات الرغبة في زيارة تلك المواقع.

تخيّل معي أنّك متوتر، أو تشعر بالإنزعاج من شيء ما، لو ظللت تكبت تلك المشاعر العاطفية من دون أن تتعامل معها، فما هي إلّا مسألة وقت حتّى تعود تلك المشاعر مغلّفة بشيء أصعب هذه المرّة، مغلّفة برغبة في مشاهدة المرئيات الجنسية، وحظًا موفقًا هناك في كبت تلك المشاعر!

المحفّز

ببساطة المحفّز هو أفكار ومشاعر تدفع من حالة الاتزان، إلى اللا اتزان، ولو لم تستجب لهذا وتصحّحه، سيقودك إلى عمل غير متزّن.

من الأمثلة على المحفّزات:

1- لمحة مثيرة (صورة، خيال، إمرأة جميلة تمرّ قربك)

2-الضغط والتوتّر

3-إحساس فقدان المكانة

4-أي نوع من المشاعر القويّة، ربما السلبية تميل لتحفّز أكثر، لكنّ الإيجابية قد تدفعك أيضًا، فيعاملها عقلك على أنّها "هديّة" ليومك الصعب.

الاتزان هو الهدف

الاتزان هو أن تتوافق أجزاءك العاطفية والمنطقية، وترتبط وتسيطر على كل فكرة تُلقى في قلبك. ولا أعد أن تكون قادرًا على فعل هذا بالفطرة، لكنّك لو تابعتَ معي، سأعلّمك طريق العودة إلى الاتزان، أظنّ هذا هدفًا قابلًا للتحقّق، وهو أفضل من أن تكون متزنًا هكذا على الفطرة، فما تتعلَّمه، يبقى معك حتّى لو ضعت، وما يُوهب لك، قد يضيع ولا تعرف من أين يُشترى!

الهدف من العودة إلى الاتزان هو أن تقطع الخيوط السوداء التي تحرّكك كالدمى حتّى تقودك لما تريده منك، ولو قدرت على قطع تلك الخيوط، أصبحت في المكان الصحيح، لتقود نفسك إلى ما تريده أنت منها.

والسؤال الآن، كيف تعود إلى الاتزان؟

الفكرة أن تطوّر أداة تكون ردة الفعل الافتراضية عندما تشعر بالرغبة في تصفّح تلك المواقع، والذي أقترحه هنا، هو الاسترخاء.

تستطيع أيضًا أن تتوضأ وتصلِّي، أو تقرأ شيئا من الأذكار، هذا سيكون أفضل بلا شك، لكنَّ كل هذا يحتاج حركة وطاقة، ولأنَّك تُصارع شيئًا لا يحتاج لطاقة، عِدَّة ضغطات من هاتفك كفيلة بأن تُوصلك هناك، لذلك تحتاج شيئًا بنفس السهولة، شيء تفعله وأنت جالس، شيء تفعله من أيّة وضعية.

وهنا يأتي دور الاسترخاء وتمارين التنفس، تنفَّس عميقًا لعدة مرّات، بين خمس إلى عشر، لا حاجة لأن تحاول أن تُصفِّي ذهنك من كل شيء كما في خيالات اليوغا المثالية، الهدف هو أن تشعر بجسدك، تشعر بمحيطك، أنت تعيش في جسمك، في غرفة، لستَ في عالم مغرٍ، لا شيء يجبرك على أن تضغط تلك الأزرار وتذهب إلى هناك.

ما أقترحه، هو أن تتنفس وتشعر بأنَّ الماء يأتي ليغسل الضغط من كل أجزاءك جسدك بصورة تدريجية، من الأصابع إلى الرأس، هذا مقطع يُتَّبع في جلسات العلاج المعرفي السلوكي CBT وتسمّى الطريقة Progressive Muscle Relaxation الأمر لا يستغرق إلّا 8 دقائق لو فعلته مع الملف الصوتي، ثمَّ لو تعلَّمت الطريقة، ستفعل هذا في ثلاث دقائق.

رابط تحميل الملف الصوتي:

قلت أن الفكرة أن تشعر بجسدك، تخفّف عنه بعض الضغط والتوتّر الناتج من حالة الرغبة هذه، ولا أتوقّع أن ينتهي كل شيء هنا، فأمامنا عمل طويل، هذا سهم من سهام كثيرة سندّك بها ذلك الوكر البغيض، المهم أن تقلّل هذا الشدّ والتوتّر لدرجة واحدة على الأقل، هذا سيُعطيك مساحة لأن تفكِّر بشكل صحيح.

إذا أتقنت الملف الصوتي هذا، أو أي فيديو تجده على يوتيوب بهذا الغرض، لن تحتاج إلى جلسات طويلة كل مرّة لأجل التنفّس بعمق، لأنّي أعلم أنّه لو كان هناك عملًا طويلًا خلف خطوة سهلة مثل هذه، سيهرب العقل من هذا العمل الطويل، ويفضّل أي عمل سهل أمامه، وهل أسهل من هاتفك الذي في جيبك؟ لذلك اختصر من العملية بدقائق قليلة، لأنّ الفكرة الرئيسية أن نُعرقل السلوك التلقائي للتصرّف على إثر المحفّز، بسلوك آخر، ويكون هذا السلوك مُعينًا لنا بتقليل شدّة المحفّز بدرجة ما.

انتبه أيضًا إلى لغة جسدك، فعندما تريد أن تقوم بهذه التمارين، افعلها من جسد مرتاح، منفتح، وأكثر ثقة، لأنّ الجسد انعكاس للمشاعر الداخلية، ولو كان جسدك ملتويًا، مشدودًا، يخزّن التوتّر تخزينًا، هذا سيعظّم المشكلة الداخلية، لذلك من المنطقي أنّك عندما تُريد أن تحلّ مشكلة داخلية، ابدأ بالجسد الخارجي، هذا الشيء البسيط سيغيّر الكثير.

فائدة تمارين الاسترخاء لا تقتصر على موضوع الإباحية، فهذه مهارة تُساعد أيضًا على الإنتصار في معارك الإرادة الأخرى، تخيّل أنّك تكون مشدودًا في إمتحان ما، وطيلة أداء هذا الإمتحان، أنت تستهلك طاقة مضاعفة بسبب هذا الشد، لو تعلّمت أن تدمج هذه التمارين بشكل يجعلك أكثر استرخاءً أثناء هذا الإمتحان، لن تخرج منه منهك القوى، فلن تحتاج لساعات إضافية من تصفّح مواقع التواصل مثلًا، حتّى تعوِّض نفسك عن ذلك اليوم المُرهق.