عندما تريد أن تتخلّى عن إدمان المرئيات الإباحية، أنت ضمنًا توافق على ترك الفوائد التي ذكرتها في الفصل الأول، وهي جرعة المواد الكيميائية المحفّزة والمسكنة، لكنّك أيضًا ستوافق على مواجهة بعض العقبات الأخرى على الطريق، وإذا لم تكن عارفًا بهذه العقبات، ستفزع عند ملاقاتها، وتقول "لم أسجِّل على هذا … س س سلام!" وتفضّل طريق عادتك القديم.

فما هو الثمن الذي ستدفعه لتخطّي هذه المرحلة الصعبة من الإدمان؟

1- الشعور بأنّك تفقد شيئا ما

عندما تترك هذا المحفّز الهائل، جزء من عقلك سيبقى مشتاقًا لمعرفة الجديد في ذلك المكان، فهو قد فارق شيئًا كان يحبّ وجوده. طريق الشفاء يعد بنتائج جيّدة، لكنّها بعيدة المدى، وهذا ما يعظّم شعور الفقد، فأنت تعيش في الحاضر، وحسب أجزاء عقلك العاطفية، أنت تخسر مركّبات كيميائية تشعرك بالراحة، ولا يعوّضها وجود النتائج السريعة.

2-الأعراض الإنسحابية

لكل إدمان أعراضه، ولكل شخص أعراض مختلفة، لكنّ الأعراض الشائعة لهذا هي الأرق، التحلّم ليلًا، فقدان الأعصاب، وهذا ليس شيئًا ذا قيمة، ولن يؤثّر عليك بدرجة تُذكر، لكنّ علمك بما يوجد هناك، سيقلّل من استغلال الشيطان لهذه الفرصة، فيخبرك أن الطريق الجديد سيء، فهو يجعلك تعاني من كل هذه الأعراض! فأصبر وصابر فهي مؤقتة.

3-ظهور المشاعر المكبوتة إلى السطح

الكثير يستخدم الإباحية كمهرب يتهرّب فيه من علاج مشاكله، فقد يعاني من الوحدة، أو التوتر، أو فقدان المكانة، وبدلًا من أن يكبّد نفسه عناء إيجاد الحلول لهذه المشاكل، سيهرب إلى الإباحية وعالمها الخيالي، وعندما تسحب منه هذا المهرب، ستطفو هذه المشاكل إلى السطح (وهذا ما نريده من الأساس حتّى لا نهرب للإباحية!) فعليك أن تكون جاهزًا لمعالجة هذه المشاكل بالطرق الصحيحة، وسأكتب عن هذا كثيرًا.

4-لا مبالاة (فلات لاين)

يعاني البعض من فترة يشعر فيها بالبرود على المستوى العاطفي، وحتّى الجنسي، وهذه من الأعراض الإنسحابية الطبيعية، الفكرة أنّك بمعرفتك بوجود هذا، لن يغرّك الشيطان بعبارات من قبيل: يارجل، ربما هناك خلل ما، تعال اختبر عُدَّتك وأنظر هل هي تعمل!

5-وجود مسوؤلية أكبر على أجزاءك المنطقية.

الجزء المنطقي من عقلك يجب أن يتخلّى عن الكسل، وهذا سلبي إذا نظرت إليه من منظور الراحة، لكنّه مهم لمعالجة المشاكل الأربعة الأولى التي ذكرتها، فتارة قد يُهدّئ من روع العاطفة، وتارة يعالجها ويقودها إلى طريق أصوب، وكل هذا يحتاج ظهورًا منك، وعناية منك لنفسك.

طيّب.. بعد أن قصصنا الثمن الكئيب، لنتحدَّث عن فوائد الإقلاع.

هذه الفوائد هائلة، وأكثر من أن تُذكر، لكنّي أركّز على الفوائد الملموسة، أمّا تلك التي يُقسم فيها أحدهم أنّ شعره أصبح اكثر لمعانًا، وبشرته أكثر نضارة، فهذه تختلف من شخص لآخر، وتستطيع أن تجدها في أيّ مكان على الإنترنت.

1-الصحّة العضوية

ذكرتُ لك المشاكل في التدوينة السابقة، ومعظم إن لم يكن كلّ من تخلّوا عن الإباحية تشافوا من تأخّر القذف، أو ضعف الإنتصاب. وطبعًا عودة تفضيلات الشخص إلى الفطرة، بعد أن رفعها الدوبامين إلى مستوى متطرّف، مستوى لا يلبّي متطلباته إلّا أكثر المشاهد فحشًا.

2-الحرّية من السلوكيات القهرية، والأفكار، المشاعر والأفعال غير المستقيمة

قلت لك في السابقة، إنّك لا تريد أن تكون رجلًا جلّ همّه أن يشاهد رجلًا آخرًا -من خلف شاشة- يجامع أمرأة تُعجبك، ولا تريد أن تكون رجلًا، طاقته ليست له، فتكون مرهونة إذا مرّت بجانبه فتاة حسناء، ولا يستطيع منع نفسه من أن يفكّر نفسه في كل سيناريو -خيالي- ممكن. فالحريّة من هذه الخيوط التي تحرّكك كالدمى ستكون أقيم هدية تقّدمها لنفسك.

3-وفاق مع القيم

ستعيش حياة تسجم فيها مع قيمك العليا في الحياة. خصوصًا عندما تكون رجلًا يتساوى فيه السرّ والعلن، فجزء كبير من مشاعرنا تكون انعكاسًا لمدى توافق أفعالنا مع القيم العليا التي نؤمن بها، خصوصًا لو كنت متدينًا، مأمور بحفظ الفرج وغضّ البصر.

4- شفاء نُظُم الحوافز عندك

وهذا سيجعلك أكثر قدرة على التركيز والإنتباه، وتخطيط وتنفيذ الأهداف المهمّة لك، إذا استطعتَ أن تتغلّب على هذا الإدمان، ستغلب في أي معركة إرادة تخوضها في حياتك، صدِّق أن لا شيء أصعب من هذا، حتّى إدمان المخدّرات يحتاج لمزّود وهذا قد يبعد عن بيتك، أمّا هذه ففي جيبك، تستطيع إخراجها في أي لحظة.

إذا استطعتَ أن تُتقن الأساليب التي تجعلك منضبطًا في هذه السلسلة، ستكون كمن يتعلّم درسًا عمليًا من الحياة، وهذا أكثر فائدة من ألوف الدروس النظرية التي تنساها بعد انهاءها، شمِّر عن ساعديك، فما تتعلّمه في معركة الإرادة هذه، يكون نصيرك في كل معركة آخرى.

الآن، هاك تدريبًا وأنتظرني في القادمة.

تدريب 1: عدّد أكبر ثمن قد تدفعه عندما تتخلّى عن الإباحية؟ ثمن فشلت في دفعه في الماضي، وتخشى من أن يتكرّر مستقبلًا

تدريب 2: ماهي أكبر فائدة تكتسبها من وجهة نظرك إذا أقلعت عن الإباحية؟ كيف يبدو الشخص المثالي تارك الشهوات بالنسبة لك؟