أهلًا بك في درس جديد في معركة الإرادة الكبرى. المعركة التي تجعل من ينتصر بها قادرًا على فعل أي شيء!

لازلنا في العمل العاطفي، العمل الذي لا يخصُّ التعامل مع المحفّزات بطريقة منطقية وعقلانية، لكنّنا نتبع طرقًا عقلانية لنُخفّف من تركيز هذا المحفّز، إلى أقل ما يُمكن.

في الموضوع السابق، تعلّمتَ عن ردّة فعل افتراضية تقوم فيها بالاسترخاء العضلي وأداء تمارين التنفس، عندما يواجهك محفّز صعب، وكان هذا جزء من العمل العاطفي وأسلوب فكّ العقد، وهذه مُناسبة لأعيد تذكيرك بالرسمة الطفولية:

أمّا اليوم، فتتعلّم طريقة تعمل على العقل العاطفي البدائي، وهذه الطريقة أعلى في المستوى، وهي شحذ الطاقة.

كتبتُ مقالًا عن شحذ الطاقة، وشرحتُ عن أهميّة توظيفه في التركيز وأداء المهام، والآن حان الدور لتوظيفه في مواجهة محفّزات الإباحية. وأقتبس لك المقال لأنّه مُفيد:

"في يوم من الأيّام، تجهّز همسة للقيام بعمل من أعماله، قضى وقتًا مناسبًا في تخطيط وقت المهمّة، وعرف أهمّيتها وفائدتها عليه على المدى الطويل، حتّى أنّه قام بكل النصائح التي تُعاد في كل موضوع تركيز، أبعدَ المُشتّتات، وما إن حانت لحظة العمل، تركه متهربًا عند أوّل عائق.

هناك تبريرات جاهزة يقدّمها العقل، هذه المهمّة صعبة، أو اليوم لست في مزاج جيِّد، أو أمامنا وقت طويل، لكنِّي لا أرضى بهذه التبريرات، وأحاول دائما أن أغوص عميقًا في نفسي، وأستخرج القطعة المفقودة. والقطعة المفقودة هذه المرّة هي الطاقة.

عندما تنام جيدًا، ولا تتناول كميِّات مُفرطة من الطعام، فالطاقة متوفّرة عندك في معظم أوقات اليوم، لكنّ المشكلة في استدعائها في تلك اللحظة المهمة، الفكرة ببساطة أنّك تخوض يومك معتمدًا على قوَّتك الذهنية فقط، تعرف أن إنجاز هذه المهمّة ستعود عليك بفائدة كبيرة، لكنّك تُهملها، لأنّ الطاقة في تلك اللحظة، لا تُوافق سُمو الفكرة المنطقية.

وحتّى ترفع الطاقة، لا تحتاج إلى نصيحة، الأمر بدائي، هل شاهدت رافع الأثقال يومًا؟ أتذكّر مشاهد من الأولمبياد، يكون مع هذا الرافع شخص بجانبه، يحفِّزه، يصرخ في وجهه بكلمات تفجّر طاقته، حتّى تنتقل العدوى لرافع الأثقال نفسه، فيصرخ مع نفسه، يتنفس بعمق على مرات متتالية، ثم يذهب إلى هناك ويرفع تلك الأثقال، لم يستغرق رفع طاقته إلّا ثواني معدودة.

تستطيع أن تكون مُدرِّب رافع الأثقال لنفسك، تستطيع تتنفس عدّة مرّات بسرعة، تشدُّ عضلاتك، تصرخ صرخات غير مفهومة (إذا كُنتَ وحدك، يا غريب الأطوار!) أو حتّى تغمض عينيك إذا كنت في مكان عام، وثمَّ تفتحها بشكل واسع مع فكٍّ مفتوح، كما تفعل فتاة تضع الكُحل.

الفكرة هي أنَّك تحتاج لأن ترفع مستوى طاقتك في لحظات مهمّة في اليوم، عندما تكون على أعتاب مهمّة جديدة، جسمك فيه أدرينالين وكورتيزول مخصّص لهذه الحالات، فلماذا تستهلكه في القلق ولا تستخدمه في هذه الفائدة؟ ولأنَّ البدايات أصعب ما في الأشياء، فلستَ مُطالبًا بإبقاء طاقتك مرتفعة على طول المهمّة، إذ أنَّ البقاء على مثل هذه الطاقة عالية أمر مُنهك. اشحذ الطاقة في الوقت المناسب لتقطع العائق الذي أمامك، ثم استغرق في فترة انغماس مسترخية في المهمّة.

على ذكر القلق، هذه الطريقة التي ترفع بها طاقتك في لحظة محسوبة للتغلّب على أمر ما، مفيدة على المستوى العاطفي أيضًا، حينما يُنازعك شيء، قد يدفعك من موقف تكون فيه متزنًا، إلى آخر تكون فيه نهبًا لهذه المشاعر، ربما تستخدمه لتضبط أعصابك عن ردٍّ أحمق، أو فعلة مؤذية، أو حتّى لحظات تحثّك على الانغماس في ملذات وخيمة العواقب.

وأخيرًا، تذكَّر أنَّ شحذ الطاقة، مفيد إذا أتممتَ العمل الذهني الذي يسبقُ المهمة، فالعمل الذهني يشبه بناء دائرة كهربائية، والطاقة التي تشحذها، تشبه التيّار الذي يسري في هذه الدائرة. تيار بلا دائرة يروحُ هدرًا، ودائرة بلا تيّار، دائرة لا تُنير."

أنتهى المقال. والآن أتحدّث أكثر عن الموضوع.

الجسم يحبُّ منطقة الراحة، تلك المنطقة التي يألفها ويسترخي فيها، وهذا مفهوم، فالجسم يبحث عن استقرار الوظائف الحيوية، كالتنفس والنبض والهضم، حتّى يتسنّى له التركيز على الأعمال الأخرى التي تجري في وقت الراحة، كإصلاح الخلايا وبناء بديل للتالف منها، حتّى التكاثر، والذي قد يُعتبر أهمّ محرِّك للجسم يحصل في هذه الأوقات المُنعمّة بالرخاء.

لهذا تجد نفسك مُنجذبًا بالفطرة إلى الأشياء السهلة المألوفة، يُحبّها عقلك العاطفي، ويكسل عقلك المنطقي عن الخروج منها.

حتّى تخرج من منطقة الراحة، تحتاج في إلى نوعين من قوّة الإرادة، إرادة في وقت السلم، وهي تلك التي تحتاجها لتفعل عملًا تُحبه أو تألفه، ولا تستهلك من طاقتك كثيرًا. أمّا إرادة وقت الحرب، فهي التي تُجبرك على تجرّع المرّ وتكلّفك طاقة أكبر.

إذا قرات الموضوع السابق، ستعرف أنّ إرادة وقت السلم هذه، تكون بشكل تمارين التنفس والاسترخاء العضلي، أمّا إرادة وقت الحرب فهي هذه التي ذكرتها في المقال، تلك التي تشحذ بها طاقتك.

تحتاج لكلا النوعين في حياتك، فالإرادة السلمية، لا تستهلك طاقة كبيرة، وتجعلك تسير على الطريق السليم الذي تُنشئه، لكنّك حتّى تُنشئ طريقًا جديدًا، وتُعبّد مساره، تحتاج إلى إرادة قوّية، تستهلك طاقتك ومجهودك، لأنّ الإرادة الأولى لا تكفي لصدّ هجمات ظلامية.

تخيّل إرادة السلم كشرطة المرور، تُنظّم سير الطُرقات، رغم أنّها وظيفة تستهلك طاقة، لكنّ شرطة المرور، غير مجهّزين لصدّ الهجمات الإرهابية، تحتاج إلى قوّة تُكافح هذا الإرهاب، وتتمثّل بالجيش المُدرَّب والمسلَّح.

المشكلة في إرادة الحرب أنّها تستهلك طاقة، لذلك عليك ان تستعملها بعناية، في الأوقات المهمّة أرفع من طاقتك، مثلًا عندما يواجهك مُحفِّز قوي، وتعلم أنّه يقودك لا محالة إلى تصفّح المواقع الإباحية، هناك أخرج هذه الإرادة، حفّز نفسك كما يفعل رافع الأثقال، وأنقضّ على هذه المشاعر وأقطعها كما تقطع بسكين حادّة.

لأنَّ السؤال في رحلة الشفاء، ليس عن مدى صعوبة مقاومة هذه الرغبات، بل عن مدى قوَّتك أنت. لأنّها ستكون صعبة دائمًا، فواجهها بنفس مُعلَّمة على قهر الصعاب، هكذا تفوز في معركة الإرادة، وهكذا تُنشئ ذهنًا صُلبًا، لا يدفعه أيُّ شيء.

إذن لو خرجت من هذا الموضوع بشيء، ستكون هذه الفكرة:

عندما تُواجه محفّزًا ضعيفًا، اسمح لنفسك أن تطبّق الاسترخاء لتعود إلى الإتزان، وإذا كان المحفّز يبدو كما لو كان لا يُقهر، فأخرج له سلاحًا بمثل هذه الميّزات، انتفض برفع طاقتك، وشقَّ هذه الحوافز المظلمة نصفين.

إذا أتقنت الانتقال بين هذه المرحلتين في اليوم، وتستخدم كل طريقة في وقتها المناسب، هذا يعني أنّك أتقنتَ العمل العاطفي، لا تهمل هذا العمل، فهو أقوى ممّا تتصور!

تدريب:

حدّد الأوقات المصيرية في يومك، وحدّد الوقت الذي تحتاج فيه أن تشحذ طاقتك، قد يكون صباحًا، قد يكون ظهرًا بعد العمل، قد يكون ليلًا قبل النوم، أنتَ أعلم ببضاعتك.