"ليس ثمة أمل قد بقي سوى اليأس، لا حُرمنا منه. لن ينتزعه مني أحد، لا الحليف ولا حتى العدو لن ينتزعه مني سوى الموت، فهو القادر على ذلك. عار عليك، أتبكي يا صديقي وهذه اللحظة أغلى ما وهبه الله للإنسان؟ كان بالإمكان أن نبكي عندما كان الأمل يراودنا ولم يكن في ذلك عار، أما الآن وقد بلغنا منتهى اليأس، ماذا بقي لنا؟ شيء واحد، هو عزة النفس. وهذه في اعتقادي تأبى علينا أن نبكي.
ليس للحياة من معنى ولا من مبرر لها حالا أو مستقبلا، إنها ظاهرة زائفة مكتوب عليها أن تندثر دون أن تخلف وراءها شيئا ومع ذلك، فقد مُنحت لنا، فهل نلقي بها عنا ونرفض عذابها؟ أم نخطف بين الفينة والأخرى شيئا من المتعة ولكن دون أملٍ أو رجاء؟
إن الرفض لن يكون سوى جبن وفرار من المعركة، إن ما أعطي لنا وإن لم نسع لنيله، وإن لم تكن لنا قدرة على الاختيار أو الرفض، قد آُعطي لنا، ونحن ملزمون بأن نجعله ذا قيمة بارتضائه ومواصلته، وأن يُقدِّم كل منا أفضل ما عنده.
علينا أن نسلك طريق الكمال وتهذيب النفس، ولو كان هذا الطريق شأن كل الطرق لا يوصل إلى شيء. إنه الكفاح من أجل الكفاح ذاته، وهكذا يتحقق في النهاية اشتراك بين أولئك الذين يعرفون السر وأولئك الذين لا يعرفون، فهم جميعا يواصلون المسير كل ما هنالك أن أولئك الذين يعرفون يواصلون ببطولة.
لا تسأل أين أذهب، ما من من بداية ونهاية إنما الوجود هذه اللحظة الحاضرة المليئة بالمرارة والحلاوة أيضًا. إني أطرد من بالي أكبر المغريات وهو الأمل، إننا نقاوم لأن المقاومة هي كرامتنا. إننا نغني ولو لم تكن ثمة أذن تسمعنا. لا تسأل، أين نذهب؟ هل سيُقدر لنا النصر يوما؟ ما الهدف من كل هذه المعركة؟ لا تسأل، قاوم فقط".
نعم هذه هي دعوة الأديب اليوناني "نيقوس كازانتزاكي" لليأس أو قل للأمل!